البطولة، بينما تحط من قيمة الإنسان وتستعبده ولا تعتد بكرامته معتقدة أن هذا حظه في الحياة وليس له حظ سواه، وكل ما عداه لغو وهباء. فأي مخالفة للمنطق هذه؟
إن فهم البطولة يحتاج إلى فكر أعمق وفلسفة أدق من تلك الفلسفة التي تستند إلى القوة والتضليل، تلك الفلسفة التي تسوق وراءها الدهماء
رقص الحياة - عن الأفننج كرونيكل
في الشعر والتصوير والنحت صورة معروفة يرمز إليها برقصة الفناء. يصورن فيها هادم اللذات، وهو يحصد نفوس البشر من كافة الأجناس
فيمثلون الموت يجذب النفوس من كل سنخ وجنس، في قسوة القاهرة المستبد، وهي تدفعه عنها بكل ما رزقت من قوة، وتتشبث بالحياة في جزع ورهبة، والموت يقتادها إلى حيث يريد وهو مكتوب له النصر دائماً، فيرقص منتشياً بالفوز والظفر وهي مسوقة إلى مقرها الأخير، ومن هنا رمزوا إلى تلك الصورة (برقصة الفناء)
ولكن الكاتب المعروف (هافيلوك أليس) يخالف هذه الصورة، فيترك رقصة الفناء ويتكلم عن رقصة الحياة
فهو يقول إن الحياة فن. وكل شيء فيها وكل مخلوق يدب على أرضها فنان يصور حياته كما يصور الرسام لوحته، أو المثال تمثاله. ويدلل على أن التفكير فن والكتابة فن؛ حتى الأديان والأخلاق فنون جميعها، وأن الرقص أساس قوي في تلك الفنون ويعده التعبير الأسمى للحياة
ونظرية (أليس) هذه تفتح أمامنا باباً واسعاً للتأمل والتفكير. فنحن نعرف منها كيف كان الرقص في كيان الإنسان وفي صميم كل مدنية، وكيف يكون معبراً عن الحياة!
إن الحياة تعبر عن لحن جميل في الحقيقة، والألحان ينبوع الرقص. ليست الحياة وحدها هي التي تعبر عن هذا اللحن بل الكون أجمع يشترك في هذا التعبير. وهذا يفسر قول الإنجيل: النجوم ترقص في الصباح. إنها بلا شك تخفق وتهتز على تلك النغمة التي تشمل الحياة
وكما كان الرقص مصوراً لحركاتنا والنفسية، فقد كان كذلك أول معبر عن الأديان، وقد نشأ الرقص مع الإنسان