للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَقَبَّلَتْ كلَّ مَوْلُودٍ بِقَهْقَهَةٍ ... وَقَهْقَهَ الّلحْدُ لَّما جَاَء يَنْدَثِرُ!

ياَ طَائِفاً لم يَنَمْ سِرٌّ عَلَى كَبِدٍ ... إّلا وَحَفَّكَ مِنْ أَحْلامِهِ أَثَرُ

تمْشِي الْهُوَيْنَا، كما لو كُنْتَ مُقتْفِياً ... آثاَرَ مَنْ دَنَّسُوا مَغْناَكَ وَاسْتَتَرُوا

ليْلاَتُكَ الْبِيضُ وَاْلأَيَّام تَحْسُدُهَا ... عَرَائِسٌ عَنْ صِبَاهَا انْحَلَّتْ اْلازُرُ

سَمِعْتُ سِحْرَكَ في الأضْواءِ أَغْنِيَةً ... حَيْرَى تَأَوهَ عَنْهَا الرِّيحُ وَالشَّجَرُ!

وَعَيْتُها وَنَقلْتُ السِّرَّ عَنْ فمها ... لِمنْ أَبوُحُ به وَالنَّاسُ قد كَفَروا؟!

آمَنْتُ باللهِ! كلُّ الْكَوْنِ في خَلَدِي ... هَادٍ إلَيْهِ. . . الْحَصَى، والذَّرُّ، وَاَلْحَجَرُ!

ذرَتْ عُيُونكَ دَمْعاً لَيْسَ يَعْرفُهُ ... إلا غَرِيبٌ بصَدْرِي حَائِرٌ ضَجِرُ!

قلْبٌ، كَقَلْبِكَ مَجْرُوحٌ. . . وَفي دَمِهِ ... هَالاتُ نورٍ إليهَا يَفْزَعُ الْبَشَرُ!

إِنَّ الْعَذَابَ الَّذِي أَضنَاكَ في كَبِدِي ... مِنْ نَارِهِ جَذْوَةٌ تَغْلِي وتَسْتَعِرُ

سَرَى كِلاَناَ وَنَبْعُ النُّورِ في يَدِهِ ... أَنْتَ السَّناَ! وَأَناَ الإنْشَادُ وَالْوَتَرُ!

وَأَشْرَبَتْناَ اللّيالِي السُّودُ أَدْمُعَناَ ... وَأَنْتَ سَالٍ وَنَفَسِي غَالَهَا الشَّرَرُ!

كأَنَّ وَجْهَكَ في الشُّطْآنِ حِينَ غَدَا ... إليْكَ يُومِئُ مِنْ أَدْوَاحِهَا نَظَرُ. . .

مُبَشِرٌ بِنَبيٍّ. . . ذَاعَ مُؤْتَلِقاً ... عَلَى الْعَوَالمِ مِنْ أَضوَائِهِ الْخبَرُ!

اللهُ أَكْبرُ! يا ابْنَ الّليْلِ. . . يا كَبِداً ... لم يُضْنِ أَسْرَارَهَا التِّطْوافُ وَالسَّهَرُ!

بَكَى الْحَيارَى عَلَى الدُّنْياَ مَوَاجِعَهُمْ ... وَصَرَّعَتْهُمْ بَلاياَ الدَّهْرِ وَالْغِيَرُ

وَأَنْتَ حَيْرَانُ مُنْذُ الْمَهدِْ. . . لا وَطَنٌ ... وَلا رَفِيقٌ، وَلا درْبٌ. . . وَلا سَفَرُ!

لكن طَرفَكَ نَشوانُ السنا، ذَهَبَتْ ... منابِعُ السِّحْرِ من بلواهُ تنهَمِرُ!

قِفْ مرةً في سماء النيلِ واضْعَ إِلى ... محيرينَ سَرَوْا في الحَقلِ وانتشروا

قومٌ. . . هُمُ الدَّمْعُ والآهاتَ تحمِلُها ... أقفاصُ عظمٍ لَهُمْ مِنْ خَطوِها نُذُرُ!

كادتْ مناجِلَهم والله مُشرِبُها ... بأس الحديدِ من البأساءِ تنصهِرُ!

مَشوا بها في مغاني النورِ تحسَبُهُمْ ... جَنائِزاً. . . زُمَرٌ أنتْ لها زُمَرُ!

جاسوا الحقولَ مساكياً جلائِبُهُمْ ... توراةُ بُؤْسٍ عليها تُقرأُ العبَرُ

يجنونَ أيامهُمْ ضَنكاً ومسغبةً ... مِما أفاَء لهم وأدبهُمُ النَّضِرُ!

ساءلْتُ سُنبُلَهم: ما سِرُّ شقوتِهِمْ ... ومِنْ غُبارِ يديهم مَرْجُكَ العَطِرُ؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>