يقول المعتزلة: لو قامت الحوادث بذات الباري لا تصف بها بعد أن لم يتصف؛ ولو اتصف لتغير، والتغير دليل الحدوث إذ لابد من مغير. فإذا ما تكلمنا عن علم الله مثلاً لا يجوز أن نعتبر العلم صفة قائمة بذاته تعالى؛ لأنه إما أن تكون هذه الصفة أزلية كالذات، وإما أن تكون حادثة. فإذا كانت أزلية فكيف يمكنها أن تحل في الذات؟ وإذا حلت فيها كان هناك أزليان. . . وإذا كانت حادثة وحلت في الذات فكانت الذات قد تغيرت من حال (حال عدم العلم) إلى حال (حال العلم) والتغير دليل حدوث؟ فتكون الذات حادثة في صفاتها. وهذا ما لا يتفق وكماله تعالى.
تعريف المعتزلة لله:
نجد في كتاب (مقالات الإسلاميين) للأشعري تعريفاً كاملاً شاملاً لله رأي المعتزلة. فيقول:(أجمعت المعتزلة على أن الله واحد)(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
وليس بجسم ولا شبح ولا جثة ولا صورة ولا لحم ولا دم ولا شخص ولا جوهر ولا عرض ولا بذي لون ولا طعم ولا رائحة ولا مجسة ولا بذي حرارة ولا برودة ولا رطوبة ولا يبوسة ولا طول ولا عرض ولا عمق ولا اجتماع ولا افتراق ولا يتحرك ولا يسكن ولا يتبعض. وليس بذي إيعاض وأجزاء وجوارح وأعضاء، وليس بذي جهات ولا بذي يمين وشمال وأمام وخلف وفوق وتحت ولا يحيط به مكان ولا يجري عليه زمان ولا تجوز عليه المماسة ولا العزلة ولا الحلول في الأماكن.
ولا يوصف بشيء من صفات الخلق الدالة على حثهم، ولا يوصف بأنه متناه، ولا يوصف بمساحات، ولا ذهاب في الجهات، وليس بمحدود، ولا والد ولا مولود، ولا تحيط به الأقدار، ولا تحجبه الأستار، ولا تدركه الحواس، ولا يقاس بالناس، ولا يشبه الخلق بوجه من الوجوه ولا تحل به العاهات، وكل ما خطر بالبال وتصور بالوهم فغير مشبه له.
لم يزل أولاً سابقاً متقدماً للمحدثات، موجوداً قبل المخلوقات، ولم يزل عالماً قادراً حياً، ولا يزال كذلك، ولا تراه العيون ولا تدركه الأبصار ولا تحيط به الأوهام ولا يسمع بالأسماع.
شيء لا كالأشياء. عالم قادر حي لا كالعلماء القادرين الأحياء، وأنه القديم وحده ولا قديم