وقد فرحت من قبل لديوان (ظلال الأيام) يظهره الأستاذ الشاعر أنور العطار، فيضيف مأثرة في الشعر. وبين يدي اليوم ديوان (كانت لنا أيام) لشاعر جديد أبادر فأعلن اغتباطي لصدوره، لأنه يشير إلى أن الحياة بدأت تدب في الشعر الشامي وإلى أن في الشباب من يحلق في جو الشعر، ويغامر في حلبة النشر، ويسجل فوزاً في كليهما يستحق التقدير والتنويه.
فالديوان منذ ألفه إلى بائه عاطفي رومانتيكي، يرمم خلجات الشاعر، ويعد زفراته، ويصف أساه وحزنه، ويحصي دموعه وبكاءه في قصائد تقارب الثلاثين، وكلها أسف للأماني الضائعة، والشباب الذي يجف، والهرم الذي يبعث، وأخيلة الموت التي تخيم، والشقاء الذي يلوح، والفراغ الذي يسيطر، والعمر الذي تبدده الرياح. والشاعر على ذلك كله شاب في الربيع من عمره - قد أخذ اليأس بجوانب نفسه، وتمسك الألم بنياط قلبه، فتمنى الموت في كل سطر، وانتظر القبر في كل شطر، ولاح له الشقاء في كل صفحة، وهو يجري وراء (ليلاه) فيقول: ص ٥٨
وما الكون إن أنا أنسيتها ... وما أنا إن كنت لا أذكر
فو الهتاه ضاع صبايا
يا ظلام الأقدار رد صبايا
أرقصواألرقصوا على حدث الحل ... م وصبوا الشراب فوق ثرايا
في فضائي تحوس أخيلة المو ... ت وفي خافقي أحس شقايا
٥٢وجف الشباب سباب المنى=وعاث به الهرم المبكر
٥٥وما الغد؟ ما نحن؟ ما=الأمنيات وأي مصير لنا يذخر
ويقول أحسن من هذا كله في الصفحة (٤٦) والصفحة (٥٩) مما لا أستطيع روايته كله، وإنما أحيل القارئ إليه ليرى قوة وبياناً وشاهداً على ما أقول.
والغريب أن الأستاذ (عمر النص) شاعر الديوان يصف نفسه في يأس وحزن عجيبين فيقول: ص ١١١