للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى أن يبلغ حدود الموت فيقول:

إنه مات فاتركيه مسجى ... بملأ الشوق روحه وعيونه

ص ٥٦

رماد أنا بددته الرياح ... فهل أستقر وهل أنشر؟

وإني لأجد الشاعر الشاب في مدرسة فوزي المعلوف وأبي القاسم الشابي، وأجد في شعره صورة من شعر الشقاء والألم الذي كان ينطق في كل بيت من أبيات الراحلين، وأرى قصيدته اللامية أقرب إلى قصيدة (شاعر طيارة) لفوزي المعلوف، إذ يقول: ص ٣٩

لا تراعي فليس غير شقي ... يشرب الدمع بكرة وأصيلا

جاء يبكي على تراب أبيه ... ويروي الثرى دماً مطلولا

ويقول: ص ٧

الربيع الذي أؤمل ولي ... في ذهول ورقبة واشتياق

أنا شيخ أدب في شعب الأ ... رض وأهذي بغربتي وفراقي

وما أحب أن أوازن بينه وبين هذين الشاعرين فليس هذا محله، وإنما أنشأت لأعرف بالديوان وصاحبه. وأقدم هذا اللون من الشباب الهرم، والحب الحزين - إذا صحت هذه التعابير - في أسلوب مشرق، وعبارة فصيحة لا تند عن عمود العربية، ولا تبعد عن فصيحها، في وحدة للقصيدة، ومنهاج بين، وقافية مسلسلة، لولا أن الشاعر شد على نفسه الآفاق الأخرى - وهي بكثرة - وجعل تحليقه في ميدان روحه، ونفسه فضاء.

ولعله فعل ليبدأ بنفسه ثم بثني بما حوله، ثم يعلو إلى فضاء الإنسانية جمعاء، ويقوم برسالة الشاعر على الوجه الذي يفهمه الغربي اليوم، فيحس بآلام أمة قلقة حالمة شرود، ويصور حزن شعب فقد الثقة بنفسه وبأصدقائه ويرسم البيت السوري بخيره وشره. ولكنه كثير على شاب ما يزال في الربيع، فلنبارك الخطوة الأولى، ولنثن على ما بذل في سبيلها من جهد في الشعر والنشر، أنه بذلك جدير.

الدكتور سامي الدهان

<<  <  ج:
ص:  >  >>