هذا العالم من الأشياء لا يشع ضوءاً ذاتيا، وتسمى بذلك بالأجسام غير مضيئة، والبعض الآخر له القدرة على الإشعاع الذاتي وتسمى بالأجسام المضيئة. وهذه الأجسام كالشمس والمصباح واللهب ترى بواسطة الضوء الذي تشعه، ويتألف هذا الضوء من ذرات مضيئة يصل بعضها إلى شبكة العين فيؤثر فيها هذا التأثير الخاص أما الأجسام غير المضيئة فأنها تتراءى للعين لعلة واحدة وذلك بسبب مالها من الخاصية في عكس الأضواء التي تنصب عليها من الأجسام المضيئة. وعلى ذلك فان الأشياء التي تراها إنما تبين لناظريك عن طريق الضوء الذي تعكسه على شبكة العين. وتتوقف درجة وضوحها ومداها على طبيعة وحجم الأجزاء العاكسة للضوء فيها، وعلى مقدار الضوء المتسلط عليها، وعلى المدى الذي بينها وبين العين والأجسام المضيئة تبدو كأنها تزداد حجما كلما زاد ضوئها بريقا وقوة، وإذا نظرت إلى شيئين متساويين في الحجم أحدهما مضيء والثاني مظلم بدا الأول اكبر حجما من الثاني. ومن المسلم به إن الضوء الأبيض، كما يسمونه في الاصطلاحات العلمية، يتألف من جميع الألوان الموجودة في الطبيعة أو التي يمكن خلقها صناعيا، ومن الميسور تفريق هذه الألوان بعضها عن بعض، كما انه من الميسور مزجها من جديد فيعود للضوء لونه الأصلي. وهذه الألوان المختلفة يمكن تقسيمها إلى ستة الوان رئيسية هي: الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضروالأزرق والبنفسجي. ولكل من هذه الألوان طبيعته، ولكل منها موجته وخواصه إلى غير ذلك مما لسنا بصدده. ولكن يهمنا هنا أن نقرر أن جميع الألوان ليست إلا نتاجا للضوء في انعكاسه من سطح المنظور على شبكة العين. فالأشياء التي نراها ليست لها الوان ذاتية في الحقيقة، ولكنها تكتسب ألوانها التي نراها ونصفها من طريق الانعكاس الضوئي. أو نقول بعبارة أخرى، إن اللون ينتج من الضوء الواقع على الشي المنظور. وما نسميه بالألوان الطبيعية للأشياء يرجع إلى الحقيقة المقررة من أن كل منظور يعكس على العين لونا من الألوان الموجودة في الضوء الأبيض المسمى بالضوء الكامل لانه يتألف من جميع الألوان والأجسام غير المضيئة خاصة تمييز أو امتصاص الضوء المتسلط عليها. وهذه الخاصية لها قوة الاختيار، أي إنها تمتص بعض الوان الضوء وتعكس البعض الآخر. وعلى ذلك فلون شيء من الأشياء يرجع في حقيقته إلى طبيعة اللون الضوئي الذي لم يمتصه المنظور وعكسه على العين. فمثلا، إذا امتص