(إن الحكومة لم تقرر التعليم باللغة الأجنبية لمحض رغبتها أو اتباعا لشهوتها، ولكنها فعلت ذلك مراعاة لمصلحة الأمة. .)
واستطرد يقول - وهو سامحه الله ممن وكل إليه زعامة هذه الأمة - (وإذا فرضنا أنه يمكننا أن نجعل التعليم من الآن باللغة العربية وشرعنا فيه فعلا فإننا نكون قد أسأنا إلى بلادنا وإلى أنفسنا إساءة كبرى لأنه لا يمكن للذين يتعلمون على هذا النحو أن يتوظفوا في الجمارك والبوسطة والمحاكم المختلطة والمصالح العديدة المختلفة التابعة للحكومة)
على أن الأمة الممثلة يومئذ في الجمعية العمومية قد خذلت هذا الاعتراض بإجماع رائع هز أركان التاريخ وتبوأ مكانة من الحركة القومية.
وعلى الرغم من هذا فإن هذه اللغة الاستعمارية قد مضت في طريقها في غفلة من سدنة القومية فاعتبروها (اللغة الأجنبية الأساسية) حتى كانت سنة ١٩٣٥ حيث ابتدع (ميخائيل وست) طريقته الأمريكية اليهودية التي بها وحد النطق على أسس خاصة. وذلك لتتحقق المساواة في الاستعمار والاستذلال والاستغلال ولتكون العدالة شاملة في الظلم عملا بالقاعدة المشهورة (إذا عم الظلم كان عدلا)
وما لبث الإنجليز - بفضل هذه البدعة الأمريكية - أن قذفوا بملايين الكتب المدرسية الإنجليزية إلى مصر والسودان وفلسطين والحبشة وجنوب أفريقية وأوغندة وكينيا وأستراليا والهند، وبذلك ألغيت كل الحواجز الجمركية أمام هذه البضاعة الإنجليزية الموحدة في هذه الأقطار، فإذا نحن منذ ذلك التاريخ أمام تيار جارف من خرافات وأساطير وخزعبلات فرضوا علينا أن نحشرها حشرا في أدمغة الناشئين الأبرياء.
يسأل التلميذ أستاذه: هل من المعقول أن (جاك) إذا قتل الدب وأخذ قلبه ورمى به في النار تخرج حبيبته منها!. . وهل صحيح أن (كاليبان) و (أريل) عفريتان من عفاريت (الجزيرة المسحورة) كما جاء في رواية (العاصفة) التي دبجتها براعة (شكسبير)؟. .
يا بني. . هذا كلام إنجليز؛ وليس عليك إلا أن تتعلم اللغة ودعك من خرافاتهم. وهنا يريد المدرس الفيلسوف أن يشرح لتلميذ السنة الأولى (فلسفة التناسخ والحلول) الشائعة في عقائد البرهمانيين والبوذيين. ولكن كيف يستطيع مدرس أن يشرح هذا اللغز الغامض لذلك