للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من أن تنهش وللعقرب من أن تلدغ، وقد صدق ظن الملك ففي الشام وجد الشجاعي متسعاً للأذى في غير المسلمين حتى أحبه أهل دمشق.

السلطان خليل:

مات المنصور قلاوون وتولى بعده الملك ابنه الأشرف خليل وكان كما يقول الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام (بطلاً شجاعاً مقداماً مهيباً عالي الهمة، تخافه الملوك في أمصارها، والوحوش في آجامها) فلم يكد يستقر في الملك حتى صمم على طرد الصليبيين من بلاد الشام جملة، وكان أمنع حصن لهم (عكا) فجهز جيشاً جراراً وحاصرها، وهناك قابله الشجاعي، وأخذ يسمم أفكاره ضد من معه من الأمراء والوزراء (والشجعان دائماً أضعف فريسة للختل والمكر والدهاء) فقبض خليل على من معه من أمراء أبيه وقواده ولم ينتظر حتى تنتهي المعركة (وحصل للناس قلق شديد، وخشوا من حدوث فتنة تكون سبباً في تنفيس الخناق عن أهل عكا المحصورين)

حتى الوزير:

كان وزير الأشرف خليل هو محمد بن عثمان التنوخي الدمشقي، وكان له صديق شاعر، خاف عليه لؤم الشجاعي وكيده، فأرسل إليه البيتين الآتيين يحذره منه.

تنبه يا وزير الأرض واعلم ... بأنك قد وطئت على الأفاعي

وكن بالله معتصما فإني ... أخاف عليك من نهش الشجاعي

فهل أغناه التحذير كلا بل ذهب الوزير صريعاً بيد الشجاعي أمر قراقوش فضربه ألفاً ومائة عصا حتى مات تحت التعذيب.

رقعة دسة:

أخذ الشجاعي بترقي في وظائف الدولة أيام السلطان خليل، بدسه وسعيه ضد أكابر الدولة وزجهم في السجون والمعتقلات، حتى أنابه السلطان عنه في السلطنة، وأنزله قلعة الجبل حين ذهب للصيد في مديرية البحيرة، ولما قتل السلطان خليل، وتولى الملك بعده أخوه الناصر، أتفق الأمراء على أن يكون نائب السلطنة الأمير كتبُفاً، ووزيرها الشجاعي، وكان الملك صغير السن، ونائب السلطنة كتبفاً رجلاً ديناً طيب القلب، فأنتهز الشجاعي هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>