الفرصة واستبد بالأمر (وكان موكبه يضاهي موكب السلطان من التجمل.
الاستئثار أو النار:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه، والحوت لا يلهيه شيء يطعمه، يصبح ظمآن وفي الماء فمه، وشهوة الشر لا تشع وإن سبعت شهوة الخير، فلم يكتف الشجاعي بما وصل إليه، وأخذ يعمل على استئصال جميع معارضيه، والانفراد بالحكم وحده فدبر مع بعض الأخساء مؤامرة لقتل جميع الأمراء والعلماء والقادة والعظماء، ووعدهم بأن من قتل أميراً أو عظيماً فله جميع تركته، وأخذ ينفق من خزانة الدولة في سبيل هذا المأرب، حتى بلغ ما أنفقه في يوم واحد ثمانين ألف دينار، وعين لتحقيق الغرض يوما معلوماً وأوصى بالتكتم حتى يؤخذ الخصوم على غرة.
وتقدرون:
كان من بين من أغراهم الشجاعي ومناهم سيف الدين قنقغ التتاري، فأخذته العصبية الجنسية للأمير كتبفاً لأنه كان تتاري الجنس، وحذره وأطلعه على كل شيء، فجمع كتبفاً أمراء الدولة وعظماءها وبعد أن تحققوا من صدق الرواية ذهبوا إلى القلعة وحاصروها ليقبضوا على الشجاعي.
الذهب والشعب:
أغلق الشجاعي أبواب القلعة، وأخرج صرر الذهب من الخزانة، وأخذ يفرقها على البرجيه حتى انحاز إليه فريق منهم، وظل يعد ويمني ويرشو حتى تجمع حوله العدد الكافي. فخرج من القلعة وهاجم كتبفا وأصحابه فهزمهم وفروا إلى يلبيس. ورأى الشعب ذلك فثارت ثائرته وتدخل في الأمر ضد الشجاعي الظالم وهجم الأهالي هجمة رجل واحد حتى أدخلوا الشجاعي ومن معه قلعة الجبل وحاصروهم وقطعوا عنهم الماء، فعاد كتبفا ومن معه وانضموا للشعب، ودام الحصار (إلى أن طلعت الست خوند والدة السلطان الناصر محمد بن قلاوون إلى أعلى السور وكلمتهم بأن قالت لهم! إيش هو غرضكم حتى إننا نفعله لكم؟ فقالوا مالنا غرض إلا مسك الشجاعي وإخماد الفتنة) فأمرت بإغلاق باب منزل الشجاعي عليه وكان داخل القلعة، فأصبح في حصارين أحدهما خارج الأسوار، والثاني داخل القلعة.