للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولما رأى أصحابه ذلك، ولا ينحاز إلى مثله بالطبع إلا كل خسيس نفعي، يكثر عند الطمع ويقل عند الفزع، والطيور على أشكالها تقع، أقول لما رأى أصحابه ذلك، تفرقوا عنه وانضموا إلى أعدائه ثم انقض عليه بعضهم وقطع رأسه وأظهره للشعب من وفق سور القلعة، فدقت البشائر وعمت الأفراح جميع البلاد.

الثأر من رأس الغريم:

علم بعض صيادي المال من المصريين كراهية الشعب للشجاعي فاستولوا على رأسه وطافوا به الأنحاء على أعلى رمح، وتسابق المصريون في شفاء صدورهم من رأس عدوهم، فتهافتوا على النيل منه وغالى حاملو الرأس في تقاضي الثمن (حتى بلغت اللطمة على وجهه المداس نصف درهم، والبولة عليه درهم) ولم يكف المخدرات صنيع الرجال، فطلبن من أزواجهن المشاركة في الإهانة (فكانوا يأخذون الرأس ويدخلونه بيوتهم فتضربه النسوة بالمداسات) ولم يفرغ حاملو الرأس من مهمتهم حتى امتلأت جيوبهم وبعد أن جبوا عليه مصر والقاهرة وحصلوا مالاً كثيراً، وغلقت أسواق القاهرة وحوانيتها خمسة أيام ابتهاجاً بزوال عهده (وسبب ذلك ما كان اشتمل عليه من الظلم ومصادراته للعالم وتنوعه في الظلم والعسف).

دالت الدولة:

بعد أن هدأت الفتنة وأصبح الشجاعي في خبر كان، قبض كتبفا نائب السلطنة على أعوانه والمتآمرين معه، وأطلق سراح المعتقلين، وكان من جملتهم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير الذي تسلطن بعد ذلك على الديار المصرية، ومن الله على الذين استضعفوا في الأرض وجعلهم أئمة وجعلهم الوارثين.

حتى الترحم عليه:

قال قاضي القضاة نجم الدين بن شيخ الجبل: كنت ليلة نائماً فاستيقظت وأنا أحفظ البيتين الآتيين:

عند الشجاعي أنواع منوعي ... من العذاب فلا يرحمه الله

لم تفن عنه ذنوب قد تحملها ... من العباد ولا مال ولا جاه

<<  <  ج:
ص:  >  >>