امرأة واحدة ولذلك كله أسبابه الاجتماعية مما لا يعنينا هنا الخوض فيه، ويكفي أن نبين أنه من التعنت واللغو النظر إلى أنواع الزواج التي كانت تجري عند المجوس بالعين التي ننظر إليها بها لو أنها وقعت الآن، فقد تحولت أسبابها الاجتماعية، وصرنا الآن ننكرها ونعدها فاحشة ومقتاً، ونرجح أن زرادشت لا يسأل وحده عن هذه الأنواع من الزواج، فهو كما نرجح لم يشرعها، وكل ما عمل أن أقرها فبقيت سارية بين المجوس، وكان لها أثرها عند الزنادقة قبل عهد المهدي العباسي وأثناءه وبعده، فقد زاولها بعض الزنادقة في عهده على ما سنبينه إن شاء الله.
وقال الشهرستاني في كتابه (الملل والنحل) ما نصه: (ومما أخبر به زرادشت في زندوستا، قال: سيظهر في آخر الزمان رجل اسمه أشيزريكا ومعناها الرجل العالم بالدين والعدل، ثم يظهر في زمانه بلياره فيوقع الآفة في أمره وملكه عشرين سنة، ثم يظهر بعد ذلك أشيزريكا على أهل العالم ويحيي العدل ويميت الجور، ويرد السنن المغيرة إلى أوضاعها الأولى، وينقاد له الملوك وتتيسر له الأمور، وينصر الدين الحق ويحصل في زمانه الأمن والدعة وسكون الفتن وزوال المحن).
ونحن لا نعدم ملامح أشيزريكا هذه في كل المنقذين كما تصورتهم الفرق الفارسية والإسلامية التي آمنت بهم وانتظرتهم، وهذه الملامح تتضح لنا في المهدي الذي آمن به الشيعة العلويون على اختلاف طوائفهم ولا يزال باقياً فيهم حتى الآن وهو ركن من أركان مذهبهم، كما تتضح ملامحه في المهدي الذي اخترعه العباسيون وآمنوا به، ونحن نرجح - وسنبين الأسباب - أن أبا جعفر المنصور إنما سمى ابنه محمداً - المهدي حين رأى الشيعة العلويين ينادون بالمهدي منهم، واخترع أولئك وهؤلاء الأحاديث في المهدي ليشدوا بها أزرهم، كما اخترع الأمويون منقذاً سموه السفياني يعيد إليهم مجدهم وكان ذلك في أول عهد الأمويين حين وقع الخلاف بين أفراد البيت الأموي فنهد لهم شياطين الشيعة فلم يكذبوا بالسفياني بل صدقوا به. غير أنهم نحلوا النبي عليه السلام من الأحاديث ما يدل على أن السفياني بعد ظهوره وذيوع أمره وسلطانه وجوره في الناس سيأتي له المهدي من آل البيت فيقتله ويملأ الأرض عدلاً وأمناً كما ملأها السفياني جوراً وخوفاً فأسندوا بذلك إلى السفياني مهمة بلياره الفارسي وإلى مهديهم مهمة أشيزريكا، وفي ذلك ما فيه من الإشارة إلى قيام