تُسأل أمام الضمائر لا أمام القوانين، فإن من العار على الإنسانية أن يطول احتياج بنيها إلى حكام يصدونهم عن تقارض الظلم والاضطهاد
كل أمة تحتاج إلى وزارة اسمها وزارة العدل، فما معنى ذلك؟ معناه أن الأمم لم تصل إلى الرقي الصحيح، ومعناه أن بغي الناس بعضهم على بعض خطر يرتقب في كل حين
لا مانع من أن تكون في الدنيا محاكم، على شرط أن لا يُحتكم إليها إلا في القضايا التي تحتاج إلى اجتهاد القضاة، أما القضايا التي يقال فيها أن الحلال والحرام بين فاحتياج الإنسانية فيها إلى القضاة ضرب من الإسفاف
المثال الصحيح للأخلاق السليمة هو أن تعرف ما لك وما عليك، فتحب لأخيك ما تحب لنفسك، وتبغض لأخيك ما تبغض لنفسك، ويكون رأيك في تقدير المشكلات الأجتماعية هو الميزان
قال فلاسفة العرب:(الإنسان مدني بالطبع)، ومعنى هذا أنه يكره التوحد الموحش، ويميل إلى الوداد والإخاء، وكذلك كان حاله بالفعل، لولا بدواة ترده إلى عهود الوحشية من حين إلى أحايين
ويقول التاريخ الاجتماعي: إن الدنيا في عهود الظلومات كان فيها شهود يُستأجرون كما يستأجر الفتاك. وقد انقرض هذا الصنف من الناس أو كاد. وتلك بداية لطيفة، فقد نستغني يوماً عن المحاكم، وقد يصبح كل فرد وهو مسئول أمام الضمير لا أمام القانون
أليس من العيب على الإنسانية أن تحتاج إلى جيوش من القضاة والمحامين في شؤون يحكم فيها الضمير قبل أن يحكم القضاء؟
في بضع مئين من السنين يتحول بعض الحجر إلى مرمر، وقد مرت ألوف وألوف من السنين لم يتحول الإنسان إلى ملك
فبأي وجه تلقى الإنسانية بارئها يوم يقوم الحساب؟
الحكمة اليونانية تقول: اعرف نفسك بنفسك
والحكمة الإسلامية تقول: الإثم ما حاك في صدرك
ونحن مع هذا وذاك لا نسير في الطريق إلا معتمدين على أسندة من رعاية الحكومات. . . كأننا خلائق تحبو في فجر التاريخ!