للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أقدم أمة أقيمت فيها حكومة هي الأمة المصرية، وكان ذلك من أبواب المجد، يوم كان النظام حلما يداعب خيال الإنسانية

وستكون مصر أول أمة تعيش بلا حكومة، وسيكون ذلك أعظم آيات المجد، لأنه الشاهد على السمو الذي تغنى به الحكماء، جيلاً بعد جيل

نحن سبقنا جميع الشعوب إلى إقامة النظام الحكومي، يوم كان أصلح أداة لكبح الطغيان الفردي والاجتماعي

وسنسبق جميع الشعوب إلى الاستغناء عن النظام الحكومي، لأنه يطعن في قدرة الإنسانية على مغالبة الأهواء

وماضينا في التاريخ القديم يطمعنا في تحقيق هذا الأمل الجميل، فنحن الذين أقمنا النظام الشمسي قبل أن تعرفه أمم المشرق والمغرب. ونحن الذين غزونا بالروح أمماً لم تكن تغزى بغير السيف. وقد وصلت فنون أجدادنا إلى أمريكا قبل أن يكتشفها كولومبوس بأزمان وأزمان. . . ألم تسمعوا أن أمريكا وجدت فيها آثار بها ملامح من الفنون المصرية؟

وتحرش بنا الأوربيون متجمعين عشرات السنين لعهد الحروب الصليبية، فرددناهم على أعقابهم بعد أن زودناهم بأصول المدنية الشرقية، وهي أساس المدنية الغربية

ونحن كنا الحصون التي صدت غارات المغول، ومن قبل ذلك بقرون أوحينا إلى الإسكندر الأكبر أن يتجشم متاعب السفر إلى الواحات ليزور معبداً يجمع بين الرحموت والجبروت، وهو معبد آمون، آمون الذي دخل اسمه جميع اللغات فصار (آمين) التي تقال عقب الدعاء

أرضنا هي الأرض، وسماؤنا هي السماء، ومجدنا هو المجد، وخلودنا هو الخلود

فما الذي يمنع من أن نكون أول أمة تعتز بالقوة الذاتية؟

ما الذي يمنع أن نكون حكام أنفسنا في جميع الشؤون؟

وما الذي يمنع من أن نسبق جميع الأمم إلى فهم الغاية الصحيحة من قوة الروحانية؟

لكل أمة عذر في التخلف، ولا عذر لمصر في التخلف، وهي أقدم حجاز بين الحق والباطل والهدى والضلال

وتاريخنا الحديث لا يقلُّ عظة عن تاريخنا القديم، فقد حيكت حولنا الدسائس الدولية بالألوف، وكانت بلادنا مصطرعاً لأشتات من الجيوش، فهل غُلبنا في الميادين الفكرية،

<<  <  ج:
ص:  >  >>