للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حين غلبنا في الميادين الحربية؟

أين الدولة التي تستطيع أن تزعم أنها نقلت القلب المصري من مكان إلى مكان؟

أين الدولة التي استطاعت أن تصدّ الفكر المصري عن التغلغل في آفاق الشرق؟

لبلادنا خصائص أصيلة أيسرُها القدرة على قهر عوادي الاضمحلال، وكيف تضمحل أرض نجد فيها الماء في كل بقعة، والله جعل من الماء كل شئ حيّ؟

أول كُفر عرفته الخلائق هو كفر المصريين، وأول إيمان عرفته الخلائق هو إيمان المصريين، وأشهر الأفراح أفراح المصريين، وأشهر الأحزان أحزان المصريين

هل عرف تاريخ الجاهلية أعظم من المعابد المصرية؟

وهل عرف التاريخ الإسلامي أروع من المساجد المصرية؟

وهل يوجد للفلاح المصري نظيرٌ في أي أرض؟

وهل يوجد ماءٌ أعذب من ماء النيل؟

وهل عُرفت العظمة في المباني قبل أن تُعرف في هذه البلاد؟

وهل يوجد في الدنيا ناس يفوقون المصريين في حلاوة الشمائل ولطافة الطباع؟

لم يبق إلا أن نتفرد با لابتكار الأخير، وهو الابتكار الذي عجز عنه من اهتدوا إلى البخار والكهرباء، وهذا الابتكار هو الكشف عن الجوانب المستورة من الأرواح والقلوب، الجوانب النقية، ففي قلب كل رجل غابة عذراء لا تغرّد فوق أدواحها غير بلابل الطهر والصفاء

أجمعوا جموعكم، واستعينوا بمفكريكم، لتكشفوا الواحة المجهولة في الضمائر المصرية، فقلبي بأن في هذا الوادي سرائر مطوية تفوق الأحجار التي يشق في البحث عنها علماء الحفريات!

أنفقوا في البحث عن الضمائر الحية معشار ما تنفقون في البحث عن الأحجار الميتة، واعلموا أن مصر لن تموت، لأنها مؤيدة بروح الحق الذي لا يموت

أين التي عرفناها أو جهلناها، وأين مكانها الأصيل في تاريخ الوجود؟

ستكون أول أمة تعيش بلا حكومة، لتقيم البرهان على أنها فوق الشبهات والأضاليل

قد تقولون: إن واقع الحياة لا يعرف هذا الخيال. . . وأقول: إن الأمر في هذه الأيام ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>