(في نوفمبر). وخرج الديموقراطيون الاشتراكيون على الائتلاف ونظموا معارضة قوية. وفي أثناء الانتخابات العامة التي وقعت في أبريل سنة ١٩٢٧، بث زعماء الديموقراطية الاشتراكية وعلى رأسهم الدكتور أوتو باور، والهر كارل سايتز حاكم فينا ضد الحكومة وحزبها وأنصارها دعوة شديدة في العاصمة والاقاليم، ونضم اعتصاب عام شديد الوطأة ولكن الحكومة ثبتت أمام العاصفة، وأخفقت هذه المحاولة الأولى
وفي منتصف يوليه سنة ١٩٢٧ وقع صدام دموي خطير بين الكتلة المسيحية الاشتراكية (الحكومة)، والديموقراطية الاشتراكية. وتفصيل ذلك أن بعض الفلاحين المنتمين إلى (جماعة هتلر) أطلقوا النار على جماعة من الديمقراطيين الاشتراكيين في قرية شاتندورف، أثناء اجتماع انتخابي عقدوه، فقتلوا رجلاً وطفلين، فقبض على الجناة متلبسين بجريمتهم وأحيلوا على المحاكمة، وثار الاشتراكيون لذلك الاعتداء، ولكن المحكمة قضت ببراءة المتهمين فاضطرم الاشتراكيون لذلك غضباً وسخطاً، ورموا الحكومة بالتأثير في القضاء، ونددوا بتحيز القضاء (البورجوازي)، وهرعت ألوف مؤلفة من العمال إلى قلب مدينة فينا لتتظاهر احتجاجا على الحكم. وكان ذلك في ضحى يوم ١٥ يولية، وأبدى بوليس فينا يومئذ - وعلى رأسه مديره الهر شوبر رئيس الوزارة السابق - في معاملة المتظاهرين صرامة. ووقعت أول مصادمة بين المتظاهرين والبوليس أمام دار البلدية (الرات هوس) وعندئذ تحول من المتظاهرين إلى وزارة الحقانية وأضرموا النار في جنباتها، ولما اشتد ضغط الجموع، أطلق البوليس النار على المتظاهرين، فقتل منهم نحو ستين بينهم عدد من النساء والاحداث، وكان يوماَ عصيباَ ساد فيه الروع والحزن مدينة فينا. ومما يجدر ذكره أن المتظاهرين، لم يكونوا مسلحين يومئذ، واعتذر البوليس عن تصرفه بان المتظاهرين بدءوا بإطلاق النار، ولكن البوليس لم يقتل منه سوى رجل أو اثنين؛ ولم تعرف الحقيقة قط، وأدركت الديموقراطية الاشتراكية من ذلك اليوم أنها تواجه جبهة لا يستهان بقوتها، وأنها تخوض معركة الحياة والموت مع القوى الخصيمة لها.
والواقع أن حوادث ١٥ يولية كانت ذات نتائج حاسمة في سير السياسة الداخلية النمساوية. فقد رأت الديموقراطية الاشتراكية أنها أضعف الحزبين، وأخذت تعمل لتقوية نفسها وتسليح أنصارها، ورأت الكتلة المحافظة، كتلة الملاك وأصحاب الأموال التي تؤيد حزب الحكومة