للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألحانه الخالدة. وكانوا يسمون هذه الجلسات الرائعة (شوبرتياد) وكان النبوغ فيها ينير الشباب والصداقة. وقد قال ماير هوفر (إنني لا أنسى أبداً الساعات الهنيئة التي قضيناها في هذا المسكن الحقير ولم يكن عندنا غير بيانو رديء ومكتبة فقيرة وأثاث حقير ونور ضئيل؛ وفضلاً عن ذلك فإني قضيت هناك أسعد أوقات حياتي): وجاء في خطاب لصديقه الحميم شوبر أرسله إليه في ٢ نوفمبر سنة ١٨٢١: (وددت لو كنت معنا لتنظر كيف تولد هذه الألحان الشجية وهي تموج بالفكر. وغرفتنا في كانت محبوبة جداً، وبها سريران وصفه ومدفأ حار وبيانو؛ وكنا نأتي بالجعة ليلا وندخن ونتسامر فيما مر في النهار ونطالع؛ وحينما تحضر صوفي ونيفل نشرع في الغناء

كانت هذه الاجتماعات الفقيرة البريئة التي تجمع أصدقاء شوبرت وهم يمرحون ويتسامرون ويغنون مؤلفاته التي كان يرتجلها تعد من اسعد أوقاته وأعظم عزاء لبؤسه وشقائه وسط قومه الذين لا يفهمون موسيقاه الساحرة ولا يقدرونها

إننا نستطيع أن ميز في مؤلفات شوبرت عدة مجموعات غنية قيمة غير متساوية في القوة

أولاً: موسيقى البيانو - ثانياً: التربو والكواتوور والكنتيت، ثالثاً: السانفوني - رابعاً: المؤلفات المسرحية.

خامساً: أغاني لليدر. سادساً: الموسيقى الدينية.

إن موسيقاه للبيانو لجديرة بأن توضع في صف واحد مع شومان وشوبان وستيفن هيلير وهي تشمل السوناتات والفانتيزي وأي المرتجلة. وقد كتب عشر سوناتات أشهرها الست الأخيرة. ولا نزعم أنه جدد في الشكل شيئاً ولكنه بث فيها صفاته العادية من الحنان واسترساله في التأملات والخيالات الرقيقة العاطفية؛ وأهم ما كتب في السونات الخامسة. وهي من مقام لامينور. وأما القطع المسماة فهي تستحق ما نالته من الشهرة والذيوع، وفيها من المهارة الفنية السهلة مالا يوجد عند من سبقوه من كتاب قطع البيانو. ولكن بعض مواضيع منها يؤخذ عليها أنها عادية، وهذا يرجع إلى سرعة الكتابة والتلحين؛ ولكن بعض هذه الهنات لا تحجب فتنتها الساحرة. إن نظرنا إليها وجدناها كالماء الصافي العميق نشاهد في قراره كل الخصال الشريفة المحبوبة التي تختلج في روح شوبرت وهذا النوع يتفاوت في الأهمية والقيمة

<<  <  ج:
ص:  >  >>