قد كنت تهتف في الورى بقصائدي ... وتحل فوق النيرين مكاني
وكتب مصطفى إلى صديقه محمد بك فريد من أوربا:
(وإذا قابلت شوقي بك فقبله لي مرتين، وقل له أن يرسل لي ما طبع من ديوانه مع صورته وأعطه عنواني)
وشوقي يقرر أنه شارك مصطفى في البعث والدعوة إلى الاستقلال والحرية بقوله:
أتذكر قبل هذا الجيل جيلاً ... سهرنا عن معلمهم وناما
مهار الحق بغضنا إليهم ... شكيم القيصرية واللجاما
لواؤك كان يسقيهم بجام ... وكان الشعر بين يدي جاما
وقد اشترك معه في الاحتفال بالعيد المئوي لولاية محمد علي بقصيدته الخالدة (محمد علي) ورثاه لما مات بقصيدة من عيون المرائي العربية، ثم ذكره، وفي آخر ذكرى يقول:
يا أخا النفس في الصبا ... لذة الروح في الصغر
وخليلاً ذخرته ... لم يقوم بمدخر
- ٢ -
على أنه قد درس في مصر طرفاً من القانون في مدرسة الحقوق قبل أن يتحول إلى قلم الترجمة، ثم أتم دراسة الحقوق في فرنسا، وما من شك في أنه وقف على آراء علماء الاجتماع والقانون والسياسة في خير نظم الحكم، وما من شك في إنه تأثر بميولهم إلى حكم الشورى، على إنه شاهد هناك صولة الدستور وفضل الشورى وسلطان الشعب، فطمح إلى ما طمح إليه غيره من المصريين الدارسين في أوربا أن يكون لمصر دستور، وإن يصرف الشعب أمره بنفسه، وأن ينجاب عن سماء الإسلام فتام الحكم المطلق
ثم إنه مولع بالتاريخ وتمجيد الماضي، ويعلم أن الشورى نظام الحكم في الإسلام، وأن الخلفاء الراشدين تسلموا مقاليد الحكم بالانتخاب، فهو يجمع هذا إلى ما يتجدد أمامه في الحاضر في الدول الراقية فلا يرى مندوحة من الميل إلى الشورى، والدعوة إليها والاستمساك بها
كان ذلك وشوقي في ريعان شبابه، فدعا إلى الدستور وهو شاعر الأمير تقيده الوظيفة، ونجد من جريانه في تيار الثوران على الحكم المطلق. فلما نشبت الحرب الماضية نفي،