دواوين هي (أين المفر) لمحمود حسن إسماعيل و (طفولة نهر) لنزار قباني و (الشروق) لحسن كامل الصيرفي؛ ونظرة فيها التأمل والنفاذ تقنعك بأن أزمة الشعور عند الكثرة الغالبة من شعرائنا مرجعها إلى أن التجربة النفسية قد تمر بهم فكأنما تمر بفراغ موحش لا تلقى فيه إلا مجموعة حواس معطلة، لا تستجيب لأحداث النفس والحياة.
أترك هذا لأسجل ظاهرة تلفت الحس الفني عند قارئ هذا الديوان، أقصد القارئ المتذوق لا القارئ العجلان. . . وهي ظاهرة تتركز في الحركة النفسية التي تشيع في الكثير الغالب من قصائده؛ هذه الحركة النفسية هي (المرصد) الذي يتلقى (الهزات) الشعورية من هنا وهناك ثم (يسجلها) في بيت من الشعر أو أبيات. . . هذه الهزات متفرقة ثم متجمعة تنصهر في بوتقة الوجدان النابض لتضع بين يدي الناقد نموذجاً كاملاً للشاعر الإنساني. . .
محمود حسن إسماعيل في (أبن المفر) مثال صادق لهذا الشاعر، ولست أجد في وصف فنه خيراً من تلك الكلمات التي قلتها من قبل عن الفن الإنساني، وهو أن يكون الفن انعكاساً صادق من الحياة على الشعور، وأن يكون الشعور مرآة تلتقي على صفحتها النفس الإنسانية في صورتها الخالدة بكل ما فيها من اشتجار الأهواء والنزعات. . . هنا تتحقق المشاركة الوجدانية التي تتمثل في ذلك التجاوب الروحي بين الفن وصاحبه، وبين الفن ومتذوقه، وبين الفن والإنسانية بكل ما فيها من اختلاف الصور والألوان.
الشاعر الإنساني هنا يقف من وراء هذه الأبيات، وأن شئت فقل من وراء هذه الأنات. . . في (أغاني الرق):