من براثنه العملاقة، ومن فرط حذر الحكيم كان في فصل (حماري وعداوة المرأة) يشرح فكرة العقاد عين الأنوثة التي يراها دائماً كما هي فاكهة فيها الدود يتشهاها ويأخذها كما أراد لها القدر لا كما أراد الحكيم وأمثال حماره من الناس.
ولذلك يقيد رأى العقاد بعد ذلك بأبيات منها:
أنت الملوم إذا أردت لها ... ما لم يرده قضاء باريها
ثم يجلس الحكيم وهو آس على نصيبه من المرأة وحظه منها وهو لا يفعل وإنما يتكلم، ويعجب للمرأة التي تثور للكلام ولا تتمرد وتصرخ للفعال.
وهذا ضرب من التأملات الصادقة التي توحي بسمو العقلية النابغة.
ولا ألوم الأستاذ (توفيق) في شيء إلا أنه كثيراً ما ينسى نفسه وينسى حماره وينسى أن لغة الكتاب من وحي حماره، وهو هنا له العذر لأن ميزة الحكيم في (سهواته) وجماله في (شطحاته) التي تغيب به عن الجالس وعن الناس وعن الحياة الصاخبة التي تحيط به. وبعد فالحكيم هنا موفق كل التوفيق وقد استطاع أن يمزج أفكاره العميقة بتأملاته في الحياة والناس والمرأة والحرب وحرب الأحزاب وجحيم الأدباء وجناتهم.