فزادوا الطين بلة والأمر ارتباكاً، وشر من هؤلاء جميعاً أولئك الكلبيون من أعضاء جماعة النقاد بنيويورك الذين أقاموا أنفسهم بالادعاء والسفسطة أوصياء على الأدب فأشادوا بما لا ينبغي ونوهوا بمن لا يستحق. ولم يعلموا أن ملكة النقد آلة دقيقة حساسة إذا ضعفت بسوء الاستعمال فلا تغير ولا تجدد. ولعل أساس هذه البلية التي أصابت الذوق في الولايات المتحدة هو الثورة التي تمت بالتدريج في هذا الصدد؛ فإننا أحللنا محل الموضوعية الإنجليزية والفرنسية ذلك التأمل الباطني الغزير على الذهن الألماني والروسي.
فالأدب الأمريكي تكون تحت تأثير مؤلفين كديكنز وتكري وجالسورتي من الإنجليز، وميرميه ودوديه وموباسان من الفرنسيين؛ وهؤلاء الكتاب كانوا يرون الصفات الجوهرية في القصة هي الشمائل والجو والحبكة. وفي آخر الحرب العالمية الأولى استولت خيبة الأمل على الكتاب الأمريكيين فظهرت فيهم نماذج صغيرة من ترجنيف وتشيكوف. فالروح المرحية حين تنشأ عن الفهم العميق واللمس الرقيق الدفيق أصبحت في أمريكا محرمة كاللعنة. والخالقون الموضوعيون الذين جعلوا دستورهم الفن للفن لم يبق لهم وجود هنا. وهؤلاء الكتاب الكلبيون لم يعد في معاجمهم لفظ واحد للجمال ولا للفن. فنحن في حاجة إلى آلهة جدد، وغلى دين أبي جديد؛ لأن الدين الأدبي الحاضر دين الحقارة والفجاجة والضحول يحمل في طواياه الجراثيم التي ستدمره. إن الأديب بغير جمال لا يلبث أن يذوي ويموت.
آراء المعاصرين في فكتور هوجو
وجهت صحيفة الفنون الباريسية إلى بعض كبار الأدباء الفرنسيين أسئلة عن مدى تأثير هوجو في الكتاب المعاصرين. وقد دلت الأجوبة التي نشرتها هذه الصحيفة على زهو أصحابها وادعائهم. فبعضهم أصدر حكمه بلهجة تنم عن استخفافه بكبير شعراء فرنسا. والبعض الآخر لم يخرج في أجوبته عن حد النكتة. بيد أن اندريه بيرتون زعيم مذهب السريالي أجاب بصورة جدية فقال: إن أهم حركة وجدانية في الشعر تستمد قوتها من شعر هوجو، كما إن الحركات الإصلاحية التي قام بها (كانت) لا تزال القاعدة التي يسير عليها كبار الكتاب والشعراء. وفي رأيه أن كثير من شعر هوجو يعبر عن أهداف المذهب السريالي أصدق تعبير. ثم أردف قائلاً: (سئل مرة اندريه جيد من هو أعظم شاعر فرنسي؟