إن الذي كان نوراً يستضاء به ... بكربلاء قتيل غير مدفون
سبط النبي جزاك الله صالحة ... عنا وجنبت خسران الموازين
قد كنت لي جبلاً ألوذ به ... وكنت تصحبنا بالرحم والدين
من لليتامى؟ ومن للسائلين؟ ومن ... يغني ويأوي إليه كل مسكين
والله لا أبتغي صهراً بصهركم ... حتى أغيب بين الرمل والطين
وقد برت الرباب بقسمها فكم تقدم إليها من شريف وأمير وخطبها بعد مصرع زوجها، وكان جوابها لكل خاطب:(ما كنت لأتخذ حماً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقضت الرباب حياتها حانية على ولديها عبد الله وسكينة).
نشأتها وزواجها:
تولت الرباب تربية ابنتها سكينة فأرضعتها الفصاحة والبلاغة منذ صغرها وأطلعتها على أشعار العرب وأخبارهم. وكثيراً ما كانت ترسلها إلى حلقات العلماء ومجالس رواة الحديث فتأخذ عنهم. كما كانت تقص عليها مآثر آبائها وأجدادها، فتذكرها بجدها الأعظم منقذ العالم من الشرك وهاديه إلى طريق الحق. وتسرد عليها أخبار جدها فتى الفتيان (حيدر) ما كان عليه من البطولة والعلم والفقه في الدين. وكانت الفتاة ذكية الفؤاد تصغي إلى هذه الأحاديث بكل شوق وتفخر بمآثر أجدادها التي دونتها كل فخر، فاهتدت بنورهم وتسنمت ذروة المجد الشامخ
ولما بلغت سن الزواج زوجها أبوها من ابن عمها عبد الله ابن الحسن. وبعد وفاته تقدم إليها شبان قريش يطلبون يدها فلم يوفق سوى أحد الأبطال الذين يضرب بهم المثل في الشجاعة والمروءة والكرم - ذلك هو مصعب بن الزبير - أمهرها مليون درهم وأهدى لأخيها أربعين ألف دينار. وزفت إليه وهي كالنار الموقدة حسناً وجمالاً، وكان الخليفة عبد الملك ينفس على مصعب هذا الزواج، وقد صرح بذلك لجلسائه فقال:(أشجع الناس مصعب بن الزبير الذي جمع في بيته بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسن)
كان مصعب يحبها حباً جماً ويؤثرها على غيرها لعقلها وأدبها وحسبها وقضى معها أسعد أيام حياته، ولكن كل هناء يعقبه عزاء، فلم تطل أيامه معها حتى لقي حتفه. دخل عليها يوم قتله فنزع ثيابه ولبس غلالة وتوشح بثوب وأخذ سيفه لينزل ساحة الوغى. علمت سكينة