السم لتجعل منه الدواء أو لتجعل منه الداء، وهي التي تستخدم الشيء الواحد ليكون نعمة أو نقمة. فمدار الخير أو الشر إذن إنما هو منوط بالإنسان. . . على أن الناظر المدقق لو أنه تأمل مليا لوجد أن العلم يشمل عدة عناصر تهيئ النفس للتسامي والخير. ذلك لأن العلم بشيء من الأشياء، وتكشف الحق في جهة من الجهات، وإطلاق النور في مكامن الديجور كل ذلك إنما يشعر بعظمة العقل وجدارة الإنسان، وفي الشعور بالعظمة والجدارة أول مصدر للخلق ونبالته. ولست أريد في هذه الكلمة الوجيزة أن أتعرض لما يحدثه العلم واصطناعه في تقوية الاستعدادات الخلقية الكريمة، وحسبي أن أنبه طالب العلم إلى أن العلم في جوهره نبيل وأن المنتمي إليه يجب أن يكون نبيلا. فيا طالب العلم لا تأثم في حقه فتتوجه به إلى منخفض من الحياة، وإلى ما في الدنيا من ضعة! واعمل دائما على أن تعلو بعلمك إلى السماء وتحلق به حيث شرف النفس ورفعة المقصد وآفاق المعاني السامية وعالم الخير.