إلى مجموعة تنتظم من خير التجديد والمجددين صورة كاملة من الهجرة إلى اليوم، وهي تتألف من منظومة للسيوطي في هذا الموضوع سماها (تحفة المهتدين في بيان أسماء المجددين) ومطلع هذه المنظومة:
لقد أتى في خبر مشتهر ... رواه كل حافظ معتبر
بأنه في رأس كل مائة ... يبعث ربنا لهذه الأمة
منا علينا عالما يجدد ... دين الهندي لأنه مجتهد
وعلى هذه المنظومة شرح للشيخ محمد المراغي المالكي الجرجاوي الذي عاش في القرنين الثالث والرابع عشر الهجريين وسمى هذا الشرح (بغية المفتدين، ومنحة المجدين، على تحفة المهتدين. . . الخ) شرح فيه منظومة السيوطي ثم اكمل أسماء المجددين نظما إلى عصره وشرح نظمه على طريقة شرحه نظم السيوطي.
وفي بيان الدينيين لمعنى التجديد تراهم يقولون: أنه نفع الأمة، ودفع المكاره عن الناس، ونصرة الحق وأهله، وإحياء ما أندرس من أحكام الشريعة، وما هي من معالم السنن وما خفي من العلوم الدينية ويتحدثون عن تغير الحياة واستحداث أشياء تحتاج إلى تناول جديد وحسبك من قولهم في معنى التجديد ما ورد في المجموعة السابقة من عبارة النظم والشرح ممتزجتين وهي:(وإنما كان مجدداً لأنه أي المبعوث فينا مجتهد وشأن المجتهد التجديد. . . .) ولأن اكتفوا في الأزمنة الأخيرة بالاجتهاد المقيد فبحسبهم أن أناطوا التجديد بالاجتهاد وفسروه به أبعدوه عن التقليد الذي هو آفة العقول وعلة الجمود. وتراهم حين يعدون أسماء المجددين في كل طبقة قد يعددون المجددين ويخصون كل مجدد بفرع من فروع العلم أو العمل. فيوسعون الدائرة توسعة محمودة.
تلك فكرتهم في تجديد الدين: وأنها لفكرة في التجديد متزنة رزينة مقدرة لنظام الحياة وتدرجها معادية للجمود وقاضية عليه قاتلة لأهله. . . . وإذا كان الدين وهو وحي الهي والإسلام وهو رسالة لا رسالة بعدها هو الذي يقرر لأهله أن نظام الحياة العاملة يحوجه إلى التجدد ويهيئ الله له على الزمن من ينفي عنه مظاهر الجمود، وعوامل الوقوف؛ إذا كان هذا حال الدين، وذاك شأن الإسلام، فمرافق الحياة، وظواهر المعيشة التي لا ثبات لها ولا استقرار، والتي هي وليدة الظروف وصنعتها، اشد حاجة إلى التجدد والتغير. . . .