وإذا كانت البعثة الدينية التجديدية منة على المتينين، وفضلا من الله ونعمة، فالمنتسبون إلى الدين حين يقاتلون المبعوثين لهذا التجديد، ويجمدون على ما وجدوا عليه آبائهم، إنما ينكرون نعمة الله، ويصدون عن سبيله ويبغونها عوجا (وما هم ببالغيه) وهم، وبين أيديهم ذلك الأثر، وعليهم ذلك الواجب لا يأثمون بجمودهم إثما واحدا! بل آثاما كثيرة: إثم لأنهم لا يتجددون وإثم لأنهم لا يجددون وإثم لأنهم يعوقون المتجددين المجددين في تعنت أصم لا يميز الخبيث من الطيب مهما تبينا ولا يعرف داعي الله من داعي الشيطان.
مصر والتجديد في الدين
وما ننسى أن الكلمة لمشروع القرش وحول مشروع القرش. فلنعد إلى مصر المتجددة بجهاد شبانها، مصر ذات الحيوية الفياضة وصاحبة الشخصية الخالدة والتي أسدت إلى الإنسانية والحضارة أطهر الأيادي وأشرفها على تطاول السنين وتمادي الأيام. نعود لنقول أن مصر كعادتها في ذلك قد اضطلعت من تجديد الدين بالحظ الأوفر وساهمت فيه بالنصيب الأكبر على سعة الإمبراطورية الإسلامية وترامي أرجائها وانتظامها الواسع الأفيح أقطار الدنيا القديمة. فأنت حين تعرض أسماء أولئك المبعوثين المجددين على رؤوس المئات خلال الثلاثة عشر قرنا من تاريخ الهجرة تراهم يعدون هكذا:
في المائة الأولىعمر بن عبد العزيز
في المائة الثانيةالشافعي
في المائة الثالثةابن سريج العراقي أو أبو الحسن الأشعري