وتجيد نظرك في هذه الجريدة من الأسماء فترى (كما لاحظ القدماء أنفسهم) أن الكثرة المطلقة من هؤلاء المجددين مصرية رجال أنجبتهم وآوتهم وعلمتهم مصر ذات الفضل العتيد على المدنية منذ عرفها بنو آدم، فبين هؤلاء الثلاثة عشرة مجددا ثمانية من المصريين هم: عمر بن عبد العزيز وليد مصر الناشئ بها، والشافعي الذي حمته وفيها علم، وابن
دقيق العيد القشيري المنفلوطي، والبلقيني المنسوب إلى بلقينة قرب المحلة، والسيوطي والرملي المنسوب إلى رملة قرب
منية العطار تجاه مسجد الخضر، والدردير العدوي، والشرقاوي الجرجاوي. وان شئت عددت لمصر منهم تسعة فمصر في القرن الرابع عشر الهجري هي قلب الشرق الخافق وعقله المفكر وقد تصدرت في شجاعة ونبل لحمل أعباء تلك القيادة منذ بدأ ذلك الشرق يمسح عن عيونه آثار النوم ويتهيأ ليقظة نشطة باهرة تمدها عزمة قاهرة تكتب له النجاة وترد له حقه في الحياة. . . ولا أريد اليوم أن أُسمي مجدد هذه المائة أو مجدديها من المصريين حتى لا أحابي أحداً، ولا ألقن رأياً وإنما أترك الكلمة في ذلك لشبان الشرق وشبان مصر.
يا شبان الشرق ها أنتم أولاء تطالعكم قوى التجديد من حيث تخشون عناصر الجمود؛ وها هو الإسلام الدين الحي يدفعكم دفعا إلى مسايرة نواميس الكون؛ ومجاراة نظم الجماعات الإنسانية؛ وهذا تاريخكم المجيد يغذي حاضركم الحديث فلا عذر اليوم لكم إذا لم تثبت تلك العزمات لتسمع الدهر صوتا أصغى إليه أزمانا وحدا له فسار؛ ومضى حيث صرفه واحكم فيه.
يا شباب: هاكم ماضيا مجيدا في الصدارة والزعامة، لم يدع ميدانا إلا حله، وها هي ذي مصركم معلمة الدنيا قد أنهت إليكم لواء هذه الزعامة وقد بايعها الشرق وعرف مكانها وعاندها الغرب وجحد حقها. والحياة العاملة اليوم إنما تكتب للأمة الصناع والشعب الدؤب