يا معبداً يُعْبَد فيه الحجا ... إلى الحجا في صنعه ينتمي
أجلُّ ما تعبد فيه النهى ... سليلها في صنعه المحكم
يا عَلَم الدنيا الذي قد غدا ... عجيبة الغائر والمتْهَمِ
علت بك الأرض كمن قد علا ... برأسه الكبر فلم يُهضم
رفعت رأساً منك ما طاله ... رأس البناء الشامخ الأقوم
كأنما كل البنى سُجَّدٌ ... من هيبة للملك الأعظم
يا ملكا ما انحلَّ سلطانهُ ... قد هُدِمَ الماضي ولم يُهدَم
كم دولة قد ضاع سلطانُها ... ودولة الأهرام لم تهرم
يا غِيَرَ الأيام في كَرِّها ... من أبيض نأمن أو أسحم
تباعَدِي إن شئت أو فاهجمي ... على شبيه البطل المُعْلَمِ
هيهات لم يبدُ له مَقْتَلٌ ... قد أخطأ الرامي فأشْوَى الرَّمي
كم خال فيك الناس سرا طوا ... هـ الدهر لم يُكشَفْ ولم يُعلم
خالوا الأُولَى شادوك قد أوعدوا ... فيك رموز المطلب الأكرم
ما أودعوا إلا كنوزاً غدت ... نهبة كف الصائل المجرم
وكل ما لم يَبْدُ كُنهٌ له ... يخالُ كنز الحق والمغنم
والمرء يبغي الحق في خدره ... ولو بدا في أعين الأنجم
ورمه خبأها كاهنٌ ... لفَاتِك الآراء والمخذم
رمة رب رائع عزمه ... قد أُخرجَت من بعدُ للمرجم
جلال روح منه ذي همة ... مجسم في صنعه المحكم
لا تحسبنَّ الناس لم يُغنهم ... غير منال البُرْد والمطعم
فالنفس تبغي أن ترى كُنْههَا ... مُجَسَّماً في صنعها الأعظم
لم يُصلح الناسَ لِذِي أمرهم ... غيرُ شفيع السيف والدرهم
أظلمهم من ساغ طعم الأذى ... ليس الذي يَظلمُ بالأَظْلَمِ
كل ضعيف خيره علة ... من ذا الذي صح فلم يعرم