للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكر كلمة عامة عن (هنات قليلة) لا يخلو منها كتاب منقول إلى لغتنا من لغة أعجمية؛ وكنت أود أن يجعل حضرته من ذلك الوجه بحثاً قيماً يوجه فيه الترجمة وجهةً صالحة، غير أنه أكتفي بالتعميم والإشارة والإيجاز في موضع كان الأوجب فيه الإفاضة والإطناب، ذلك بأن عمل المترجم إن هو إلا النقل، وما يكون نقله جديراً بالتقدير إلا إذا سلم من العيوب التي تؤخذ على أساليب اللغات الأعجمية. ولعل اشتغال الأستاذ الفاضل بالكتابة عن الكتاب الآخر (فن الطهي الحديث) في نفس اليوم قد جعله لا يجد الوقت لذكر شيء من تلك الهنات، فرجاؤنا أن يتفضل بإعادة الكرة وبيان ما أجمل؛ ورجاؤنا كذلك أن يبين وجه النقد حتى نكون على بصيرة من رأيه، نفعنا الله بعلمه وفضله وعلى أمثاله من أعلام العلماء.

محمد مزيد أبو حديد

وفاة دريفوس

من أنباء فرنسا الأخيرة أن الكولونل ألفرد دريفوس قد توفى في الخامسة والسبعين من عمره، ولم يشتهر في تاريخ فرنسا المعار اسم بقدر اسم دريفوس، ولم يقترن باسم آخر مثل ما أقترن به من الحوادث والحركات العظام؛ كان اسم دريفوس منذ أربعين عاماً ملء الأسماع في فرنسا والعالم بأسره، وكانت القضية الشهيرة التي ارتبطت باسمه، واتهم فيها ظلماً بالخيانة، أعظم قضية عرفها التاريخ من حيث أتساع مداها، وتشعب نواحيها، وتعقد إجراءاتها، وما أثارته مدى عشرة أعوام في فرنسا من الأحقاد والشهوات التي كادت تزلزل أسس الحياة العامة فيها وتثير ضرام الحرب الأهلية. وقد كان دريفوس يهودياً، وهو سر المسألة كلها؛ فقد كانت الخصومة السامية أو حركة العداء ضد اليهود يومئذ على أشدها في معظم البلاد الأوربية، وكانت الكنيسة والعسكرية في فرنسا تضطرمان بهذا العداء، وكانت قضية دريفوس نفثة من نفثات هذه الحركة التي أريد بها القضاء على اليهودية في السياسة والجيش فاتهم دريفوس الضابط اليهودي (سنة ١٨٩٦) بالخيانة العليا، وبأنه يقدم إلى بعض البلاد الأجنبية (ألمانيا) معلومات عن الدفاع الفرنسي، وضبطت ورقة سميت فيما بعد (بالبردرو) نسبت إلى دريفوس، وحوكم الضابط البريء وقضي عليه ظلماً بالنفي إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>