فلقد ولد محمد إقبال شاعراً، مرهف الحس حديد المشاعر بعيد البصائر، وكان أبوه يتعهد تعليمه أيام صباه ويوصيه بتلاوة القرآن الكريم والتأمل في معانيه، فكان يطلب إليه أن يسترسل في تلاوة القرآن الكريم بعد الفجر كل يوم، وكان كلما رآه بعد الفجر سأله عما يصنع فيجيب إقبال بأنه يتلو القرآن، ولما ألحف الأب بأسئلته وألح كل يوم قال الابن:(يا أبت إنك تراني أتلو القرآن الكريم. . . فلم تعيد هذا السؤال عليَ وأنت عليم بما أصنع) فقال الأب: (بلى! ولكنني يا بني أردت أن أقول لك: أتل القرآن وكأنه أنزل عليك)
كان إقبال يروي هذا الحوار ويقول:(ومنذ ذلك اليوم بدأت أتفهم القرآن وأتفقه معانيه، فاقتبست من قبسه واستنرت بنوره)
بدأ محمد إقبال تعلمه بالقرآن الكريم شأن أكثر المسلمين، ثم تقلب في الدرس والمدارس حتى نال شهادته العالية من كلية الحكومة بمدينة لاهور، وفي سنة ألف وتسعمائة وخمس قصد إنكلترا لإتمام التحصيل العالي بها، ومنها سافر إلى ميونيخ حيث التحق بإحدى جامعتها ونال شهادة الدكتوراه في الفلسفة، وكان خلال إقامته في أوربا يتلمس ما شاب الحضارة الغربية من نزعة مادية قوية، ومن عصبيات عنصرية ولونية، فأراد أن بفهم الغربيين ما في الإسلام من نعم وفضل على المسلمين وعلى البشرية جمعاء، فألقى عدة محاضرات عن الإسلام والحضارة الإسلامية، قاصداً إزالة ما في أذهان الربيين من انطباعات خاطئة في هذه الحضارة العتيدة وذلك الدين المجيد
ولد محمد إقبال شاعراً، مرهف الحس حديد المشاعر، بعيد البصائر، وقد وصفه أستاذنا الدكتور عبد الوهاب عزام بك بأنه (أكبر شعراء المسلمين في هذا العصر، وأبلغهم تصويراً للحضارة الإسلامية، وأعظمهم أثراً في نفوس المسلمين، وأصحهم إدراكا لمقاصد الإسلام ومعانيه).
فإقبال لم يتخذ من الشعر هواية، فلم يتغزل أو ينظم الشعر التمثيلي أو الرومانطيقي، وإن اتخذ من الشعر حكمة وموعظة وهداية، فكان شعره فلسفياً موضوعياً أكثره، ذلك لأنه لم يقل (بالفن - من أجل الفن -) بل كان يؤمن بأن الشعر فن من الفنون الرفيعة التي ينبغي استخدامها لأجل النهوض بالمجتمع إلى أعلى مراتب الرقي، حتى روى عنه أنه قال مرة: