أرى الغرب يدنو كالفَراش من اللظى ... أللقوم من إحراق أنفسهم إرْب؟
ويا رُب حرب منذ عشرين حجة ... بكل فؤاد من جراحتها ندب
أضرت بحزبيها وإن تم نصرها ... لحزب وقاسى ذل خذلانها حزب
إذا ما ذكرناها اقشعرت جلودنا ... إذ الناس كالأنعام قوتهم العشب
وإذ هم بأكناف الخنادق ما لهم ... مضاجع غير الترب لو نفع الترب
يقاسون حراً ما لضب بحمله ... يدان وبرداً ليس يحمله دب
وحشو أنوف القوم غاز مسمم ... وللنار في أجسامهم مرتع خصب
فيا لحروب لا تجف دماؤها ... ويا لشعوب كلما نهضت تكبو
أجدكمو يا قوم طال بنا السري ... ولم يسترح حيناً من السفر الركب
لقد سار نحو المجد قوم فأدلجوا ... ولم يعلموا أين انتهى بهم الدرب
ولو أنفقوا في الخير ما ينفقونه ... على الحرب عم الخصب وانقطع الجدب
ولم يبق طاو ليس يملك قوته ... ولم يبق عار ليس يستره ثوب
شعوب بعصر النور يفتك بعضها ... ببعض كما يعدو على الحمل الذئب
يمثَّل بالإنسان في الغرب بينما ... يعيش قرير العين في ظله الكلب
إذا قنص الليث الغزالة ساغباً ... فما ذنب شعب بات يقنصه شعب
ذنوب الضعاف العاجزين كثيرة ... وما لقويٍّ إذ تحاسبه ذنب
كأنْ ليس بين العالمين شرائع ... ولا خلفهم حشر ولا فوقهم رب
ولا في قوانين البرية رحمة ... ولا شيء في الدنيا يقال له الحب
ولم يبق معبوداً سوى القوت وحده ... فكل فؤاد مستهام به صب
عزاء لنا أن الحضارة أفلست ... فرونقها زيف ومنطقها كذب
إذا ما تمثلت الحضارة خلتها ... لباة لها جوف وليس لها قلب
سل العلماء الفاخرين بعلمهم ... أجاءوا بنور العلم أم ناره شبوا
تقدم فن الموت أي تقدم ... وسار بطيئاً عاثر القدم الطب
فظائع لم يحلم أوائلنا بها ... فيا ليت شعري ما الذي يضمر الغيب؟
فسحقاً لعصر النور سحقاً لأهله ... فكل بني حواء دأبهم السلب