للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخلاله متأثرا في ذلك بسحره الشرقي القديم. وقد كان مثل لوثي يدافع عن تركيا القديمة، ويحاول أن يخرج أبدع صورها للغرب، وما زال فارير متعلقا بهذا السحر الشرقي القديم، يأسف لما حل بتركيا القديمة من تبدل وتطور، ويرثي هذا المجتمع القديم الساحر، بقصوره الشاهقة، ونسائه المحجبة، وبذخه وبهائه، ولا يرى في تركيا الحديثة سوى صورة ممسوخة لا هي استبقت القديم، ولا بلغت في الحديث شيئا. ولفارير عدة كتب وقصص عن تركيا في آخر عصور السلاطين

وأما أسلوب فارير فهو ساحر، وهو أقرب إلى البساطة وعدم التكلف، وهو أشبه الأساليب بأسلوب جي دي موباسان، ومع هذه البساطة الجمة تراه ينفث المتاع والسحر في قارئه. ثم هو أسلوب مكشوف في بعض النواحي، بمعنى أن فارير يذهب في التصوير والوصف إلى حدود لا يبلغها الكثيرون، وأشد ما تبدو براعة فارير في وصف حياة المواني الكبيرة، وما يقع في منتدياتها وبؤرها السرية من أنواع الخلاعة والتهتك وصنوف الانحلال الأخلاقي والاجتماعي، فهو يصف لنا مقاهي الأفيون والحشيش في ثغور الشرق، وحياة البؤر والمواخير السرية في أمريكا وفي الهند الغربية، ويصف لنا عادات رجال البحر في السفينة وفي الميناء عند الجد وعند الهزل، ويصف حياة البغايا في الموانئ، ومجتمع السفلة والأوغاد؛ وكل ما يتعلق بهذه الحياة المثيرة التي لا يدرك أغوارها إلا رجل مثل فارير طاف العالم وثغوره، ونفذ إلى أعماق هذه الحياة بصورة عملية

وقد انقطع فاير إلى الأدب منذ أعوام طويلة؛ وهو اليوم يعمل في الصحافة إلى جان كتابة القصص، وينشر في الصحف الفرنسية، ولا سيما جريدة (الجورنال) مقالات طريفة ساحرة في مختلف الموضوعات والصور

ومما يذكر في حياة فارير الفياضة بالسياحة والمخاطر، أنه كان إلى جانب مسيو دومير رئيس الجمهورية الفرنسية السابق حينما اغتاله القاتل جور جولف برصاصة، وحاول فارير إنقاذه، فأصابته في ذراعه رصاصة من القاتل ألزمته فراشه مدى حين

صاحب الجائزة في المسابقة الأدبية

صديق العزيز صاحب الرسالة

تحية وسلاما. أما بعد. فقد زعم علماء النفس - والنفس أمارة بالسوء - أن ارتكب جرما

<<  <  ج:
ص:  >  >>