فان كان ما جئت به حقاً فللقراء خيره وبركته، ولي ما كابدته من النصب والهم، وإن كان باطلاً فعلي تبعته وعاره، وخلاهم ذم
ربما لم تعن أمة في العالم بلغة ما كما عنيت الأمم الإسلامية باللغة العربية، وقد عظمت هذه العناية واتصلت وتلاحقت مدة ثلاثة عشر قرنا، فتوافر العلماء عليها في القديم يدرسونها من نواحيها المختلفة، درسوا مفرداتها وعرفوا التغيرات التي تلحق المفرد، والأوزان التي يكون عليها، وكيف تتصرف الكلمة في الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة الخ.، وعرفوا قواعد ذلك وسموه علم الصرف، وعرفوا ما تدل عليه كل كلمة من معان، والشواهد التي يستشهد بها على هذه المعاني، ودونوا ذلك وسموه علم متن اللغة، ودرسوا نظمها وتراكيبها المختلفة، وما يفيده كل نظم وتركيب، ووضعوا قوانينه وسموه علم النحو. ودرسوا فضيلة الكلام، ووضعوا القواعد التي يحسن بها الكلام وسموها علم البلاغة. ودرسوا ما في لغة العرب من شعر ونثر وبينوا معانيه. ودرسوا أوزان الشعر وأعاريضه وقوافيه. وهلم جرا
وضعوا كل ذلك في قوانين، ووضعوا هذه القوانين في كتب قد سطرت، وصحف قد نشرت، وكان كل جيل من الأجيال يزيد وينقص، ويغير ويبدل على حسب ما يتراءى له، ويضع الكتب الجمة والأسفار المختلفة، وكانوا يعكفون عليها يتدارسونها يعلمها كبيرهم صغيرهم، وعالمهم جاهلهم، وقد ورثنا نحن هذه العناية فدرسناها في جميع معاهد التعليم، فهي تدرس في وزارة المعارف، في الأقسام الابتدائية والثانوية وفي التعليم الأولي، وهي تدرس في المعاهد الدينية والأزهر في الأقسام الابتدائية والثانوية، وهي تدرس في كلية اللغة العربية من كليات الأزهر، وفي كليتي الآداب من جامعتي فؤاد وفاروق، وهي تدرس في دار العلوم ومدارس المعلمين والمعلمات، ونصيبها من الحصص في هذه المعاهد نصيب الأسد
عكفت مدارسنا على هذه القواعد التي استنبطها العلماء المتقدمون في النحو والصرف والبلاغة والعروض والقافية تدرسها وتضبط شوارد العربية على المتعلمين
وكانت تقسم القواعد على سني الدراسة قسمة تراعي فيها الحكمة، فهي قليلة موجزة في