الأقسام الابتدائية، وكثيرة مطولة بعض الشيء في الأقسام الثانوية، وهي مطولة كل التطويل ومستوعبة كل الاستيعاب في المدارس العالية
إني لأعجب كيف تخفق مدارسنا وتخفق الأجيال قبلنا في تعليم هذه اللغة مع هذه العناية وهذا الجهد
أينجح الحائك في تعليم الحياكة؟ والبناء في تعليم البناء، والنجار في تعليم النجارة، وكل ذي صنعة في الدنيا في تعليم صنعته، ويخيب رجل العلم والتربية في تعليم اللغة العربية؟
أينجح تلاميذ الصناع جميعاً إلا قليلاً، ويخيب تلاميذ رجال العلم إلا قليلاً مع أن الأولين يبذلون أقل جهد ومشقه في تعليم الصناع ولا يعللون المسائل ولا يفلسفونها، ولا يعملون شيئاً إلا أن يأخذوا المتعلمين بأعمال كثيرة من صنعتهم ويمرنوهم ويكرروا ذلك، فإذا هم قد حذقوا الصنعة وأجادوها، ومع أن الآخرين يبذلون كل جهد ومشقة، ويذكرون علل العربية ويفلسفونها، ويطلعون تلاميذهم على دقائقها وخفاياها
لعل مازحاً يمزح ويقول أن سر هذا الإخفاق في هذه العناية، وسر هذا النجاح في هذا الإهمال
وسنأخذ هذا المزاح جداً، ونرى أنه يشير إلى الطريق ونضع أن سر نجاح أولئك في طريقتهم وسر خيبة هؤلاء في طريقتهم
سر نجاح أولئك في المرانة والتكرار حتى يكسبوا الصنعة، وسر خيبة هؤلاء في الاعتماد على القواعد وترك الحفظ والمرانة والتكرار
ولو أخذ كل بطريقة الآخر لخاب الناجح، ونجح الخائب
لو علم الحائك تلميذه بطريق القواعد فحسب، وظل طول عمره يقول له شد الخيط طولاً واسلك فيها الخيوط عرضاً ليتكون منها سدى ولحمة ولم يأخذه بأعمال الحياكة الكثيرة وتكرارها والمرانة عليها، لخاب في التعليم ولم يكسبه الحياكة، ولو أخذ عالم العربية بطريق المرانة والتكرار والحفظ، فحفظ تلاميذه أساليب العربية البليغة، ومثلها الرائعة مما يعتاد في الخطاب، وأخذهم بالنسج على منوالها في الحديث والكتابة والخطابة لنجح في تعليمه
ولا عجب أن يكون هذا الصانع العامي أقرب إلى الحقيقة من هذا العالم المربي، لأن هذا