له مشيخة الأزهر وفتوى الديار المصرية - فيقول كلمة موجزة في إنكار المشروع وينسحب من المجلس ويتبعه القاضي التركي فتكون هذه الكلمة كافية لقتل المشروع. .).
ثم قال بعد سرد الأمثلة من هذا القبيل وغير هذا القبيل:(هذا ما عرفناه. فما الذي جرى حتى تبدلت الحال ووقع حادث الشيخ أبي العيون؟ ما الذي نزع هيبة المشايخ من القلوب وأنزلهم من مكانهم عند الحكام؟
وأجاب قائلا: انتم أيها الأزهريون فعلتم هذا كله. . . . أنتم أيها الأزهريون جميعاً جعلتموها جامعة فكان فيها ما يكون في الجامعات، وقد كانت جامعاً لا يكون فيه إلا ما يكون في الجامع. لقد كان الأزهر لله فصار للناس، وكان للآخرة فغدا للدنيا، وكان يجيئة الطالب يبتغي العلم وحده: يتبلغ بخبز الجراية، وينام على حصير الرواق، ويقرأ على سراج الزيت، ولكنه لا ينقطع عن الدرس والتحصيل. .).
هذه هي العلة كما رآها الفاضل صاحب المقال، وهي إذا دلت على شيء فإنما تدل على أن الجامع الأزهر ينبغي أن يشتمل على جامعات عدة ولا على جامعة واحدة، ولينشر في الأرض من علم المنطق، ومن صحة القياس، ما يعصمهم من خطأ التعليل في أمره، بله جميع الأمور.
فلا علاقة لسراج الزيت وبين ما كان عليه الأزهر أو ما صار إليه، إلا كالعلاقة بين الترام وقلة البركة في المبيعات والمشتريات.
ولم يتغير الحال في جمله اليوم عما كان عليه في شيء من تلك الأشياء التي عددها الأستاذ.
ففي الزمن الذي يحن إليه الأستاذ حدث أن مديراً للأوقاف جلس على كرسيه في صحن الجامع الأزهر وجيء إليه بفريق من الأزهريين يجلدهم على مرأى ومسمع من الناس.
وفى العصر الحاضر لا يزال أقطاب الجامع الأزهر قادرين على منع كل تشريع يرون فيه مساساً بأحكام الدين. وقد منعوا تشريعات كثيرة أعدتها الوزارات في شؤون الزواج والطلاق، واشتركوا في درس كل قانون يدور على الميراث أو الوصية أو الوقف أو حقوق الآحاد المرتبة على أحكام الدين.
وفي الزمن الذي يحن إليه الأستاذ أنكرت فئة من علماء الأزهر تشريح الجثث في مستشفى