للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- قال: وما ذاك؟

- قلت: ألم يكفك تكشف عورته، وأنت تذكر الله، وتتلو كتابه، وتظهر منه ما أمر الله بستره، حتى تضم إلى العورة عورة أخرى تجئ فوق رأسهن فتلبسه القبعة؟

- فقال (ولوى لسانه وتفيهق وتشدق): ما هي بعورة في مذهبنا

- قلت: وما مذهبك يا مولانا؟

- قال: مذهب الإمام مالك

- قلت: ذاك لمن لا يفرق بين عورة الملتحي وعورة الأمرد، هذا الذي في مذهب مالك، لا مع مثل ابنك الذي لا تؤمن معه الفتنة

وإذا أنت فهمت مذهب مالك بهذا الفهم الأعوج، أفليس في الناس فساق، يأكلون عرض ابنك على مذهب مالك، ما دام مذهب مالك حجة يحتج بها كل ما جن وفاسق. . . رحم الله مالكا وجعل افتراءكم عليه حسنات له

وتركته وقمت إلى قسم الشهادة الابتدائية، أرى التلاميذ. . . فإذا أكثرهم لا يستر إلا نصفه الأعلى، وإذا هم متأنثون مائلون مميلون، فجعلت أسألهم من هنا وهناك، فقلت:

- ما شروط الصلاة؟ من يعرفها منكم؟

- قالوا: لا نعرفها، درس الديانة ليس من دروس الامتحان فلا نحفظه

- قلت: فماذا قرأتم في السنة الماضية؟

- قالوا: وماذا نقرأ، عندنا ساعة واحدة في الأسبوع. . .

- قلت: فلنبحث في التاريخ، من يحدثنا عن وقعة اليرموك، أو القادسية؟

- قالوا: ما قرأناها. . . نحدثك عن سيرة نابليون، ووقعة واترلو. . . هذا ما قرأناه وسنقرؤه في هذا العام. . .

وبعد. . . فهذا طرف من الحقيقة، وقليل من كثير من الواقع، نسوقه بلا تعليق!

(دمشق)

علي الطنطاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>