للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطائفية في بلاده، فتنقلب دعوات البغضاء إلى أغاني حب. وكان يتلافى الأزمات الحادة التي كانت تجر الخراب والمار على الملايين، ويهدئ الأعصاب والثورات، ويحفظ اتحاد الهنود، وينقذ أرواح الملايين، بهذا السلاح الضعيف القوي، الذي برع فيه فكان يفل عزائم الأبطال. . .

ولقد هدأ غاندي ثورة كلكتا مرة، بأن صام، ففعل صومه ما لم يستطع فعله ٥٥ ألف جندي لم يستطيعوا حفظ السلام في مقاطعة البنجاب.

وكان غاندي، أشهر صائم في العالم، لا يشجع غيره على تقليده في الصوم بلا روح.

لما أفطر بعد صومه الخامس عشر الذي استغرق ١٢١ ساعة قال لأبناء وطنه: (في هذا العصر المقلد بلا تمييز ولا شعور، أحذركم وأقول إنه لمن الغباء من أي شخص آخر أن يفعل مثلي وينتظر نتائج سريعة، فستذهب آماله وآلامه هباء، فإنه للصيام مؤهلات قاسية يجب أن تتوفر في القائم به، إذ يجب أن يكون صاحب عقيدة صادقة في الله، وأن يكون صومه بدعوة من الله ودعاء له. وبهذا يكون للصوم أثره ونتائجه التي أدى من أجلها وقبل أن يؤدي يجب أن يمهد له بتمهيدات طويلة، فلا تدعو إنساناً ما أن يقوم إذن بهذا الصيام ما لم يكن مستعداً له استعداداً قلبياً خالصاً. . . إنه ليس مجرد تقليد).

وقبل سنين طويلة كتب غاندي عن الصيام فقال: (أن الصيام نظام قديم قدم آدم. وكان يتخذ إما وسيلة لتطهير النفوس وإما لغايات نبيلة أو رذيلة. ومن قبل صام بوذا وعيسى ومحمد حتى يتمكنوا من رؤية الله وجهاً لوجه. أن الصيام قطعة من كياني، وأني أتمسك به، لأنه وسيلة كل باحث عن الحقيقة)

وقد كتب طبيب غاندي الذي كان يعني به أيام صيامه، وهو الدكتور روي: (أن الصيام عند غاندي عقيدة دينية. فقد كان يبدؤه بالصلاة، ثم يختتمه بالصلاة، كما كان في أثناء صومه - طال أم قصر - يبدو كأنه متصل بقوة روحية عليا)

وقبل أربع وعشرين سنة صام غاندي ٢١ يوماً في دلهي، لكي يربط بين الهندوس والمسلمين. ثم صام لنفس الغرض في كلكتا هذا العام، وقد أدى صيامه إلى نتائج طيبة، كما صام في سبتمبر الماضي في ثانية المدن الكبرى في الكومنولث الإنجليزي، وكانت الاضطرابات بين الطوائف تهددها وتهدد أهليها بالدمار والفناء، وأدى صومه إلى نتيجة

<<  <  ج:
ص:  >  >>