وبعض هؤلاء الأدباء والمفكرين يدعو إلى الرجعة إلى الإيمان بأوسع معانيه، مسيحيا كان أم بوذيا أم كنفوشيا، وتتخذ هذه الرجعة إلى الدين لونا من التصوف العميق كما هو الحال عند الأديب البريطاني الشهير (آلدوس هسكلي) الذي نشأ في بيت خاصم العقيدة الدينية خصومة عنيفة، واشترك جده الأكبر مع (داروين) في مناقشة التفسير الديني بطبيعة الأشياء، وأصول النشوء والارتقاء. ولآلدوس هكسلي كتاب يعالج فلسفة التصوف في الشرق والغرب، في تحبب وإعجاب ولون من الإيمان العميق بها.
وجدير بالذكر أن الاتجاه نحو التوسع في نشر التعليم الديني قد عم معظم الأوساط الجامعية في أميركا الشمالية، كما أشار إلى مؤتمر رؤساء الجامعات الأمريكية، وهيئات الخريجين الذي انعقد مؤخرا في شيكاغو.
فإلى ما قبل سنوات قليلة كان التعليم الديني مقصورا على موضوع أو موضوعين، يعالجان التوراة والإنجيل (العهد القديم والعهد الجديد) من ناحية أدبية بحتة، تتعمد تربية الذوق الأدبي والثروة اللغوية أكثر مما تهدف إلى شرح التعاليم الدينية ودقائقها.
والشعب في أمريكا يتحدث الآن عن ذيول القرار الخطير الذي أصدرته منذ بضعة أسابيع فقط محكمة العدل العليا بواشنطون، وهي أهم مرجع قضائي في الولايات المتحدة الامريكية، وأقرت به الحق لطلبة المدارس الحكومية، الابتدائية والثانوية، في أن يختاروا حصة معينة من جدول الدراسة الأسبوعي، يتلقون خلالها دروساً دينية، كل حسب المذهب الذي ينتمي إليه ويختاره له أبواه أو أولياء أمره. وجدير بالذكر أن التعليم الديني في المدارس الحكومية في أِمريكا، لا وجود له مطلقا. وإذا علمنا أن حوالي ٩٠ % من الطلبة الأمريكان يتلقون علومهم الابتدائية والثانوية في مدارس الدولة أدركنا خطورة هذا الوضع على الحياة الروحية بين الأحداث الأمريكان، والفضل في الإبقاء على الحياة الدينية يرجع إلى نظام (مدارس الأحد) التي أنشأتها الكنائس البروتستانتية، واقتبسته عنها الكاثوليك واليهود، ليتلقن الحدث فيها أمور دينه مرة كل أسبوع على يد القساوسة والحافظين للتعاليم الدينية من رواد الكنيسة وأتباعها.
وهذه القسوة في إبعاد التعليم الديني عن برامج المدارس الحكومية في أوربا الغربية وأمريكا الشمالية، يعود إلى السياسة التي تعمدت فصل الدين عن الدولة، وهي سياسة