للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اتبعتها بعض الدول المسيحية لتتفادى الصراع الطائفي بين مواطنيها، فالبروتستانت والكاثوليك، يعيشون جنبا إلى جنب في الدول المسيحية، والصراع المذهبي بين الكاثوليكية والبروتستانتية كان ولا يزال على حدته المعهودة، فالبروتستانت تتهم الكاثوليك بالولاء لمركزية الفاتيكان وسلطة البابوية، وهي سلطة يعتقد البروتستانت بأنها تتعارض في بعض الحالات مع المبادئ الديمقراطية وحق الجماعات الدينية، بان تواجه مشاكلها الروحية المختلفة على ضوء الأوضاع والظروف الخاصة التي تتميز بها الجماعات، ولا موجب لأن يتقيد الناس بمركزية الفاتيكان وهي مركزية يعتقد البروتستانت بأنها صارمة.

وقد كان للنفوذ اليهودي القوي في دخيلة الولايات المتحدة اثر في تقرير الاتجاه بفصل الدين عن الدولة. فالتعاليم المسيحية بروتستانتية كانت أم كاثوليكية، تدين بصلب المسيح، وألوان المشادة والتعذيب والتآمر والتنكيل التي صاحبت نشوء المسيحية بين العبرانيين. وإذا جردت برامج التعليم في المدارس الحكومية من نشر هذه التعاليم المسيحية، أزيلت تدريجيا من أذهان الناشئة حقائق الصراع المذهبي بين المسيحية واليهودية من جهة، وبين الكاثوليك والبروتستانت من جهة أخرى. وقد نجح اليهود في توحيد جهودهم مع البروتستانت في أمريكا وجعلها جهدا مشتركا للوقوف في وجه الفاتيكان. فتم فصل الدين عن الدولة في مظاهر رسمية على الأقل، ومنها التعليم الحكومي. والواقع أن البروتستانت اكثر ميلا إلى التسامح مع اليهود منهم إلى مصافاة الكاثوليك. فالفاتيكان يدرك إدراكا تاما خفايا اليهودية العالمية ومطامعها وأهدافها، ولذلك فهناك صداقة مفقودة بين الفاتيكان وحكماء صهيون.

قلنا أن قرار محكمة العدل الأمريكية الأخير، قد تغلب على مشكلة التعليم الديني في مدارس الدولة، وذلك تلبية لحملة عنيفة شنها أولياء أمور الطلبة، وأشاروا فيها إلى أن خلو برامج التعليم من الدروس الدينية قد خلف أزمات روحية وأخلاقية لم تعد تقوى أساليب التعليم الحديث على معالجتها دون معونة الدين، وهذه الحملة من الأدلة التي يستشهد بها بعض زعماء الدين المسيحيين في معرض إشاراتهم إلى البعث الديني الذي يعتقدون أنه أخذ ينمو في حاضر الغرب.

ومما لا ريب فيه أن الثقافة الدينية تجد في أوربا - باستثناء منطقة النفوذ الشيوعي -

<<  <  ج:
ص:  >  >>