في (رحلة ابن جبير): حضر صلاح الدين أحد رجاله المتميزين مستعدياً على رجل. فقال السلطان: ما عسى أن أصنع لك وللناس قاض يحكم بينهم، والحق الشرعي مبسوط للخاصة والعامة، وأوامره ونواهيه ممتثلة، وإنما أنا عبد الشرع وشِحْنَتُه، فالحق يقضي لك أو عليك
١٥٥ - تعظم النعمة في تملك سلطان عالم عادل
كتب ابن العميد (أبو الفضل محمد بن الحسين) إلى عضد الدولة:
يعد أهل التحصيل في أسباب انقراض العلوم وانقباض مددها وانتقاض مِرَرها والأحوال الداعية إلى ارتفاع جل الموجود منها وعدم الزيادة فيها - الطوفان بالنار والماء، والموتان العارض من عموم الأوباء، وتسلط المخالفين في المذاهب والآراء، فان كل ذلك يحترم العلوم احتراماً، وينتهكها انتهاكاً، ويجتث أصولها اجتثاثاً. وليس عندي الخطب في جميع ذلك يقارب ما يولده تسلط ملك جاهل تطول مدته، وتتسع قدرته، فأن البلاء به لا يعدله بلاء، وبحسب عظم المحنة بمن هذه صفته، والبلوى بمن هذه صورته تعظم النعمة في تملك سلطان عالم عادل كالأمير الجليل الذي أحله الله من الفضائل بملتقى طرقها، ومجتمع فرقها. وهي نور نوافر ممن لاقت حتى تصير إليه، وشُرّد نوازع حيث حلت حتى تقع عليه. تتلفت إليه تلفت الوامق، وتتشوق نحوه تشوق الصب العاشق، ولقد ملكتها وحشة المضاع وحيرة المرتاع،
١٥٦ - للرعية المنام وعلينا القيام
كان الرشيد في بعض حروبه فألح عليه الثلج ليلة، فقال له بعض أصحابه: أما ترى ما نحن فيه من الجهد والنصب ووعثاء السفر والرعية قارة وادعة نائمة؟!
فقال: أسكت، فللرعية المنام، وعلينا القيام، ولا بد للراعي من حراسة الرعية وتحمل الأذى. وإلى ذلك أشار بعضهم:
غضبت لغضبتك الصوارم والقنا ... لما نهضت لنصرة الإسلام
ناموا إلى كنف بعدلك واسع ... وسهرت تحرس غفلة النوام
١٥٧ - محلم العربي كسرى
في (تاريخ الطبري وشرح النهج لابن أبي الحديد): لما قُدم على عمر بسيف كسرى