للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ويا حبذا لو اقتصر المؤلف على هذا القسم، فانه موضوع بكر، وقد بسط القول ووفاه، ولو كتابه (البلاغة عند الجاحظ) لأصاب المحز، وطبق المفصل - كما يقولون - على ان القسم الأول من كتابه جاء تكرارا لما كتبه العلماء، وفيه بسط يعتبر من فضول القول، فقد اخذ الأستاذ على نفسه ان يترجم لكل من له حكمة في البلاغة أو إشارة إليها من قريب أو بعيد، ترجم لأبي بكر وعمر ومعاوية، وترجم للعتابي وسهل بن هارون وشبيب بن شبة وعبد الحميد والمقفع، وجعل كلامهم في فصل مستقل، وكان يمكن ان يكتب فصلا يذكر فيه آراء هؤلاء في البلاغة، ومدى تأثير هذه الآراء في نشأة علومها، وهل يترجم لواصل بن عطاء لأنه ألف كتأبين يحتمل ان يكونا في البلاغة، أو لان الجاحظ نسب إليه العلم بان الخطابة في بحاجة إلى البيان التام واللسان المتمكن والقوة المتصرفة؟ فإذا تجاوزنا الرجال إلى الموضوعات وجدنا فصولا لاحاجة بالكتاب إليها كالفصل الذي عنوانه (العصر الجاهلي) ولو نقل منه كلمة أكثم بن صيفي، واصطناع الكهان للسجع إلى الفصل السابق لاستغنى عن هذا الفصل، وكذلك الفصل الذي يليه لا حاجة إليه، وما دخل حديث القران أو الرسول عن البيان في نشأة البلاغة ليس فيه ما يمس البلاغة إلا الحديث عن مذهب الرسول في القول، وهو كلمات، ولو انه صح لنا ان نرسم للمؤلف المنهج لقلنا: ان القسم الأول الذي ينتهي بالصفحة ٩٢ كان يكفي فيه عشر صفحات، فصل يجمل فيه القول عن اثر النقد في البلاغة، وأظن المؤلف لن يزيد شيئا عما كتبه الدكتور طه إبراهيم في كتابه (تاريخ النقد عند العرب) - كما فعل - مع شئ كثير مما لا حاجة إليه، وفصل يتحدث فيه عن المدارس التي درجت البلاغة قي ظلها، ويكتفي في هذا الفصل بجهود المتكلمين واللغويين والنحاة والأدباء. إماالفصل الثالث فيتتبع فيه آراء السابقين للجاحظ في البلاغة، ويترجم لاثنين منهم أو ثلاثة كأبي عبيده، ثم يتحدث عن كتابه، وكل هذا لا يستغرق عشرين صفحة، وقد استغرق فيه المؤلف تسعين صفحة!

على ان المؤلف فاته ان ينوه بأثر عالمين جليلين في البلاغة، وهما من أوائل العلماء قولا فيها، أحدهما الخليل بن أحمد وقد تحدث عن الجناس والمطابقة والاستعمال المجازي، والآخر سيبويه وقد تحدث في (الكتاب) عن مجاز الحذف، وعن التأخير والتقديم، إلى مباحث أخرى تمس البلاغة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>