إلى حيث يريد، وبعض الكتاب يركب التعبير الهزيل، وبعضهم يمتطيه التعبير. . .
رحم الله المازني العظيم، وغفر لنا تقصيرنا ف حقه.
التفاؤل والتشاؤم في الأدب العربي
أذاعت محطة لندن العربية يوم الجمعة الماضي حديثاً مسجلاً لمعالي الدكتور طه حسين بك، موضوعه (التفاؤل والتشاؤم في الأدب العربي) وكان هذا الحديث خاصاً بعصر الترجمة الذي يبدأ في أوائل العصر العباسي وينتهي بأب العلاء المعري.
قال معاليه: تعقدت حياة المسلمين منذ اتصلوا بالحضارات الأجنبية تعقداً شديداً، وكان أول هذا التعقد أن أدباءهم والمثقفين وذوي الفكر منهم فطنوا إليه ونظروا إلى الحياة نظرة متعمقة ليست كنظرة من قبلهم إليها، فليست الحياة شيئاً ينتهي بالموت فحسب بل فيها أشياء تنغص على الناس عيشهم وتجلب لهم ما يسوؤهم من مرض بؤس وغير ذلك من الكروب والأحداث وهذه الفطنة لما في الحياة من تعقد حملت أولئك الأدباء والمفكرين على أن يتساءلوا: ما خطبها وما غايتها؟ وإذا كان عامة الناس يحتالون لمواجهة شئون الحياة بتدبير يذلل صعابها فإن ذوي الذكاء والفطنة والتبصر قد حاولوا أن يصلوا إلى أعماق الأشياء، وقد انقسموا إلى فريقين، فريق يحمله التشاؤم على الأخذ بما في الحياة من متعة ولذة والآخر زهده تشاؤمه في اللذات والمتع ولابد هنا من سؤال: ما خطب شاعر كأبي نواس؟ أكان مبتهجاً بالحياة يقبل على لذاتها هانئاً سعيداً، أم كان مبتئساً يائساً يسري عن يأسه وابتئساسه بما يأتيه من لهو وعبث؟ لن نجد لهذا السؤال جواباً شافياً يكشف لنا عن حقيقة ما كان في نفوس أولئك الشعراء من إضراب أبي نواس على أن شاعراً كأبي العتاهية قصته أيسر من قصة أبي نواس، فقد كان يقبل على اللذة واللهو في حياته ويعلن البؤس والألم في شعره، فهو مستمتع بالعمل يائس بالقول.
وقال معالي الدكتور طه: ثم تتقدم الحياة إلى القرن الثاني، ويظهر التشاؤم المنظم في شعر الشعراء، فابن الرومي يعلن أن الحياة بؤس كلها، وأن بكاء الطفل ساعة يولد إنما هو لما سيلقاه فيها من متاعب وآلام، والمتنبي يبلغ به تشاؤمه حد السخط والثورة، فهو يرى العرب بعيدين عن الحكم والسلطان ويرى غيرهم من العناصر الأخرى يتولون الأمور ويسودون، فيسخط ويثور مع القرامطة، ولكن ثوره تخمد فلا يتمكن من تنفيذ ما أراد