بالفعل، فتحول نوازع نفسه إلى حزن يعبر عنه في كلام، ولا يقف المتنبي عند السخط على نواحي الحياة من اجتماعية وسياسية وخلقية وغيرها، بل يتجاوز ذلك إلى السخط على الحياة من حيث هي حياة، على أن المتنبي لم يقصر شعره على التشاؤم، بل هو يعالج فنون الشعر الأخرى، فيمرح ويسر ويرضى، ولكنه يظهر سخطه بين حين وآخر. ويبلغ التشاؤم غايته في أواخر القرن الرابع وفي القرن الخامس، إذ كان يعيش أبو العلاء الذي صبغ التشاؤم حياته كلها، وشاع في قوله كما تحكم في عمله؛ يرى أبو العلاء أن الإنسان مقضي عليه في هذا الحياة بالشقاء، فلا ينبغي له أن يجني على غيره ويكون سبباً في وجوده فيجلب له شقاء العيش. ويختلط تشاؤم أبي العلاء بالقلق، فهو لا يستقر على شيء في أمر ما بعد الموت، هل هناك حياة أخرى فيأمل فيها ويأخذ لها من الأولى، أو أن الأمر كله ينتهي بالموت. ويكون أبو العلاء نهاية السلسلة الذهبية سلسلة الشعراء المفكرين في شئون الحياة. وكأن تشاؤمه كان نذيراً لما حدث للمسلمين بعده من أحداث وما ساد بلادهم من الفوضى والظلام.
المؤتمر الثقافي العربي
ينعقد المؤتمر الثقافي العربي الثاني، الذي دعت له الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية، يوم ٢٢ أغسطس الحالي بالإسكندرية في كلية الآداب بجامعة فاروق الأول، وسيفتتحه معالي وزير المعارف الدكتور طه حسين بك ويلقي كلمة الافتتاح، وتلقى كلمات أخرى من سعادة الأمين العام للجامعة العربية عبد الرحمن عزام باشا، ومن الدكتور أحمد أمين بك مدير الإدارة الثقافية، ومن رؤساء الوفود الرسمية
وبعد حفلة الافتتاح توالى اللجان التي تؤلف لبحث المسائل المعروضة على المؤتمر، اجتماعاتها، ثم تضع التوصيات التي توافق عليها الهيئة العامة للمؤتمر. وفي خلال مدة انعقاد المؤتمر، وهي أحد عشر يوماً، يلقي عدد من أعضاء المؤتمر محاضرات عامة في أماكن مختلفة بالإسكندرية.
وكانت الإدارة الثقافية قد وجهت أسئلة وزارات المعارف والمعاهد الثقافية والشخصيات البارزة في مضمار التعليم الثانوي والعالي في مختلف الأقطار العربية، تتعلق بسياسة التوسع في التعليم الثانوي والعالي وبإعداد التلاميذ للحياة العملية، وهما الموضوعان اللذان