إن أول واجب أشعر به هو تقديم وافر الشكر لصاحب الرسالة ومحرر رسالة الشباب فيها، وكل من ساهم ويساهم في تأدية هاته الرسالة السامية التي اضطلعت بأعبائها الثقال المجلة المحبوبة إلى جانب رسالة الأدب والعلم والفن التي قامت بتأديتها خير قيام. ونحن شديدو الإيمان بأن نصيبها من التوفيق في تأدية رسالة الشباب لن يكون أقل منه في غيرها إن شاء الله.
ولقد استرعى انتباهي - بصفة خاصة - هاته الكلمة التي ختم بها محرر رسالة الشباب صفحته في عدد سابق وكان عنوانها:(عبرة الشباب من حفلة التتويج). وإني وإن كنت من كارهي الحديث المعاد أشعر بدافع قوي يحملني على أن أعيد مغزاها على إخواني الشباب لا ليمتعوا أنفسهم بسلاسة أسلوبها أو جمال شاعريتها أو غير ذلك من ضروب الاستمتاع. بل ليجعلوها منهاجهم في كل عمل من أعمال الحياة.
ذلك المغزى أو العبرة، كما أرادها المحرر - والتي أريدها نبراساً للشباب هي: إن الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لم يمنعها احتفاظها بالتقاليد من أن تكون أمة التجديد، واحترامها للدين من أن تكون أمة المدنية، وإخلاصها للملك من أن تكون أمة البرلمان والديموقراطية والدستور.
فأي عبرة هذه؟ بل أي عبر يمكن لشبابنا المثقف أن يتلقنها من حفلة تتويج ملك الإنجليز؟ وأي توجيه هذا الذي ينادي به أستاذنا عميد كلية الآداب لشباب مصر بعدما سمع بأخبار حفلة التتويج، وفهم منها ما فهم من محافظة الإنجليز على تقاليدهم واحترامهم لدينهم الذي هو مصدر الروحانية عندهم كما أن ديننا يجب أن يكون مصدر روحانيتنا؟
وحتى هذا المقال الأخير الذي قرأته لعميدنا الكبير في إحدى مجلاتنا تحت عنوان:(توجيه الشباب أيضاً) كنت أحس في مطالعته بارتياح عميق بل باغتباط لا شائبة فيه. ولكني لم أكد أتصفح هذا المقال وأكرر ذلك - عادتي في كل ما يكتبه كبار أدبائنا - حتى وجدت لساني يتطاول - على الرغم مني - باتهام عميد الأدب بعدم توفيقه المرة في معالجة شئون