ويميل الإنجليزي دائماً إلى التحفظ في الجواب، فلا يجيب إجابة الجازم المتحقق، ولكنه يجعل للشك دخلاً في كل ما يقوله، ويجيب دائماً بكلمة:(أظن، أو ربما)، بعكس الرجل الفرنسي فانه يميل كثيراً إلى الجزم واليقين
والإنجليز معروفون بحبهم للمحافظة على القديم. وفي إنجلترا تندر المجلة في تنفيذ نظرية من النظريات، أو مشروع عن المشروعات في التربية والتعليم؛ فبينما تحاول الولايات المتحدة بأمريكا تجربة طائفة كبيرة من طرق التعليم والنظريات الحديثة - وقد لا توافق على شيء منها بعد التجربة وعدم الاستحسان - تجد إنجلترا في هذه الحال مثلاً في دور المناقشة والمناظرة في طريقة واحدة من هذه الطرق؛ لأن إنجلترا تخاف الخسارة وضياع الوقت، أما الولايات المتحدة فلا تبالي بما تفقده في سبيل البحث والتجربة، ولذا تجدها اليوم تقود اليوم العالم في العلم والاختراع والصناعة، ولقد ساعدها غناها على هذا التقدم والأقدام، فالمحافظة على القديم في إنجلترا لها فوائد، ولكن يجب ألا ننسى أن لها أيضاً كثيراً من المضار، فإنجلترا تميل إلى الوقوف عند حدما، وهي بطيئة في الإصلاح؛ لأنها لا تستفيد في الحال ما يقدمه لها المفكرون، وما يظهره المصلحون من أبنائها، ولا تشجع الباحثين والمخترعين تشجيع الولايات المتحدة لهم. وإن ولع إنجلترا بالمحافظة على ما لديها يظهر جلياً في القوانين المختلفة للتربية التي وافق عليها مجلس النواب الإنجليزي؛ فلا تجد مطلقاً حذف قانون من القوانين برمته واستبداله بقانون آخر، بل تجد أن كل قانون هو تعديل للقانون السابق، للتوفيق بينه وبين الرأي الجديد الذي يراد إدخاله، ولا يشك أحد في أن التعليم بإنجلترا يستفيد من أن قوانينها في التربية ثابتة
ومع ذلك قد حدق تغيير في التعليم بإنجلترا، فمنذ سنة ١٩٠٠ نرى المحافظة على القديم أقل منها في الزمن السابق، وفي الحق إن التغيرات الحديثة بإنجلترا كثيرة وظاهرة لمن عرفها من قبل ورآها اليوم. ولا يشعر من الإنجليز بالفائدة الكبيرة من هذا التغيير إلا القليل منهم، وكل ما تعرفه الأكثرية هو أن هناك شيئاً يجري في عالم التربية، وأن الأمور تتغير بسرعة. وهم يشعرون بالحيرة في الابتداء وهم سكوت لا يتكلمون. ولا ننكر أن النزاع بين المحافظين والمجددين دائم لا ينقطع، ولو أنه نزاع صامت
ويظهر الميل الفطري لحرية الفكر، واستقلال الرأي في أحوال كثيرة في التعليم بإنجلترا.