ثم التفت الرجل مرة ثانية ذات اليمين وذات الشمال، وسمح لعينيه بدمعتين محرقتين، هما التحية لهواه الذي ذهب إلى غير معاد
هذا سعد باشا خليفة الشيخ سعد، ولكن أين بنت الجوهري؟ وأين مكانها في هذا الوجود؟ أغلب الظن أنها ماتت وإلا فكيف صبرت عن خلع العذار لتقبِّل الحبيب الذي أنتصر على مكايد الزمان؟
وأقام سعد في (بيت الأمة) يتلقى تهنئة الوفود بعودته سالماً من باريس، وكان يمد يده فينزع اللثام عن كل امرأة تعتصم بالحجاب، وكانت حجته أنه يؤيد رأي صديقه الحميم قاسم أمين
ولعله كان يرجو أن يطلُع عليه القمر الجوهري، لو كان للقمر الآفل طلوع
لقد حدثتني النفس بزيارة دار الجوهري قبل أن اسطر هذا الحديث، ولكني خفت أن أضاف إلى المجانين
كان لي فيك هوىً، يا دار الهوى، فأين غرام سعد وأين غرامي؟
إن أعتدل الميزان فسنكتب على بابك العالي سطراً يقول:
(هنا تهاوتْ أحلام وقلوب)
وأين دار الجوهري؟ لا تسألوها عن مكانها ولا تسألوني، فقد ناب عني وعنها أبو تمام حين قل:
لا أنتِ أنتِ ولا الديار ديارُ ... خفَّ الهوى وتقضَّت الأوطارُ
وأنت، يا سعد باشا، ما رأيك في هذا الحديث؟ ألا ترى أنه من أشرف ما يتصل بتاريخك الجميل