بوجه عام، ثم نراجعها في نفس الأديب المصري بوجه خاص
أهم العناصر الداخلية التي تكون (الذات) هي (العادة) و (الجنس)
ويدخل تحت حكم العادة ما نسميه (بالخُلق). ولا يخفى أن التربية (عادة)، فخلقنا وتربيتنا أخيراً هما ما اعتدناه وصار طبيعة ثانية. ويدخل في بناء الشخصية - بعد العادة - مواهب موروثة أو فطرية كالذاكرة والخيال والذكاء
ويتكئ ذلك كله على الغرائز الفطرية التي هي واحدة في جميع البشر، وإنما يختلف عملها بمقدار ما أطلقنا منها وما كبتنا.
وأما (الجنس) فيساوي (الحب) ويجب ألا يفهم من ذلك اللفظ حب الشهوة، وإنما الحب على طول خطه المبتدئ بالوالدين المنتقل إلى المجتمع المنتهي بالزواج
ولعل ترتيب الأمور بأهميتها يكون على الوجه الآتي: الوراثة، العادة، الحب
إني أعطي الوراثة المكان الأول لكي أؤكد أن هناك ذكاء مكتسباً موروثاً، وآخر نحصل عليه بالمران. الأول عميق (عمودي) والثاني (سطحي)
ولا جدال في أن الأدب يورث، والمواهب الأدبية كالخيال، والموسيقية وغيرهما، مواهب تورث أي تولد ولا تصنع
والأدب تنبت جذوره وعناصره في الطفولة. فمن المألوف أن الطفل ينام على اللحن الموسيقي، ويستأنس بالغناء، ويحب القصة الخيالية، وقد يؤلفها هو نفسه
فالواقع أن الأديب طفل لم يكبر. والأديب الصحيح من له خصائص الطفل، في فرحته بالأشياء، وسذاجته، وتهلله، وضحكته، وخياله، وفرحه وابتهاجه بالموسيقى. والتربية الأدبية الصحيحة، هي التي ترمي إلى شيئين: تربية الحواس، فإن حدة الحواس هي الوسيلة التي بها يستعين الأديب على التقاط الصور وتذوق الأشياء. والشيء الثاني جو الحرية الذي فيه تترعرع شجرة الذات، وتتغذى تلك الحواس النشطة المتقدة
والأديب المصري محروم من الأمرين. ففي المنزل وفي المدرسة لا يجد من يتعهد تلك الحواس بالتغذية، وفي المنزل يجد التربية قائمة على الزواجر والنواهي، وقتل حرية الاستطلاع التي هي أهم خصائص الأديب. وفي المدرسة يجد سلسلة من (الكليشهات) التعليمية التي تقتل المواهب وتقبرها وتدفن شجرة الحرية دفناً! وكما ذكرت، عندنا أديب