٦ - إن كثيراً من الألفاظ التي تبدو مترادفة هي في الواقع غير مترادفة، بل يدل كل منها على حالة خاصة تختلف بعض الاختلاف عن الحالة التي يدل عليها غيره؛ وإليك مثلاً: رمق ولحظ ولمح وحدج وشفن ورنا. . . وما إلى ذلك من الألفاظ التي تدل على النظر؛ فإن كل منها يعبر عن حالة خاصة للنظر تختلف عن الحالات التي تدل عليها الألفاظ الأخرى. فرمق يدل على النظر بمجامع العين؛ ولحظ عن النظر من جانب الأذن؛ وحدجه معناه رماه ببصره مع حدة؛ وشفن يدل على نظر المتعجب أو الكاره؛ ورنا يفيد إدامة النظر في سكون. . . وهلم جرا
هذا، ومع ما كان يتخذه جامعوا المعاجم من وسائل الحيطة والحرص على تحري الصواب، فقد اندس في معاجمهم كثير من المفردات المولدة والمشكوك في عربيتها، وحرفت فيها كلمات كثيرة عن أوضاعها الصحيحة. ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة أهمها سببان:
(أحدهما) أن بعض الأشعار التي أخذوا عنها قد ثبت فيما بعد أنها موضوعة. فلا يبعد أن يكون بعض مفرداتها من اختراع الواضعين
(وثانيهما) أنهم كانوا أحياناً يأخذون عن الكتب والصحف. فحدث من جراء ذلك تحريف في كثير من الكلمات التي نقلوها. لأن الرسم في عصورهم كان مجرداً من الإعجام والشكل. فكان من الممكن أحياناً قراءة الكلمة الواحدة على عدة وجوه