ببحيرة امتزج بمياهها الأصلية مياه أخرى انحدرت إليها من جداول كثيرة. وإلى هذا يشير ابن جني في كتابه الخصائص إذ يقول:(وكما كثرت الألفاظ على المعنى الواحد كان ذلك أولى بأن يكون لغات لجماعات اجتمعت لإنسان واحد من هنا وهناك)، ويشير إليه كذلك ابن فارس في كتابه الصاحبي إذ يقول:(فكانت وفود العرب من حجاجها وغيرهم يفدون إلى مكة للحج ويتحاكمون إلى قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها؛ فإذا أتتهم الوفود من العرب يتخيرون من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم، فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى سلائفهم التي طبعوا عليها).
٢ - إن جامعي المعاجم لم يأخذوا عن قريش وحدها، بل أخذوا كذلك عن قبائل أخرى كثيرة؛ ومن المقرر أن لهجات المحادثة كانت تختلف في بعض مظاهر المفردات باختلاف القبائل حتى بعد تغلب لغة قريش على سائر ألسنة العرب. وكان من جراء ذلك أن اشتملت المعاجم على مفردات لم تكن مستخدمة في لغة قريش ويوجد لمعظمها مترادفات في متن هذه اللغة الأصلي وفيما انتقل إليها من غيرها، فزاد هذا من نطاق المفردات والمترادفات في المعاجم سعة على سعة
٣ - إن جامعي المعاجم، لشدة حرصهم على تقييد كل شيء دونوا كلمات كثيرة كانت مهجورة في الاستعمال ومستبدلاً بها مفردات أخرى. فكثرت من جراء ذلك في المعاجم مفردات اللغة ومترادفاتها
٤ - إن كثيراً من الكلمات التي تذكرها المعاجم على أنها مرادفة في معانيها لكلمات أخرى غير موضوعة في الأصل لهذه المعاني، بل مستخدمة فيها استخداماً مجازياً
٥ - إن الأسماء الكثيرة التي يذكرونها للشيء الواحد ليست جميعها في الواقع أسماء، بل معظمها صفات مستخدمة استخدام الأسماء. فكثير من الأسماء المترادفة كانت في الأصل نعوتاً لأحوال المسمى الواحد، ثم تنوسيت هذه الأحوال بالتدريج وتجردت مدلولات هذه النعوت مما كان بينها من فوارق وغلبت عليها الاسمية. فالخطار والحطام والباسل والأصيد. . . من أسماء الأسد يدل كل منها في الأصل على وصف خاص مغاير لما يدل عليه الآخر، وكذلك ما يعد من أسماء السيف: كالمصمم والهندي والحسام والعضب والقاطع. . . وهلم جرا