البطيئات وإبقاء السريعات، وعددهن خمس وثلاثون. وكانت النتيجة أن هؤلاء الفتيات الخمس والثلاثين أمكنهن أن يعملن نفس العمل الذي كانت تقوم به المائة والعشرون فتاة وفي زمن أقل. وقد نشرت نتائج هذه الاختبارات في سنة ١٩٠٣، وأثارت اهتمام علماء النفس وبخاصة القائمون منهم بدراسة الفروق الفردية السيكولوجية ومن بين هؤلاء الأفراد البروفيسور هوجو مونستربرج الألماني. وكان حينئذ أستاذاً لعلم النفس في جامعة هارفرد بأمريكا، فأجرى عدداً كبيراً من التجارب لمعرفة الفروق الفردية، وخصائص كل فرد، والمهنة التي تليق له أو يليق لها. وطبع في ذلك كتاباً سماه (علم النفس والكفاية الصناعية). وقد عالج مونستر برج في هذا الكتاب موضوع المواهب الطبيعية واللياقة المهنية. وهو يرى أن لكل فرد خواص ومميزات تجعل شخصيته أو تكوينه صالحاً لنوع من العمل دون نوع آخر. ومن العبث والإسراف الاقتصادي ألا يكون الفرد صالحاً للمهنة التي يقوم بها، أو أن يُعَدَّ لغير المهنة التي يصلح لها بطبيعته، ولا بد إذاً من اختبار الأفراد، ومعرفة مواهبهم واستعدادهم، ومقدار ذكائهم، ونوع ميولهم ومقدرتهم الجسمية وأمراضهم وأخلاقهم حتى يوكل إلى كل منهم العمل الذي يصلح له. فمن المعقول أن الرجل الذي يصلح لأن يكون سائق ترام قد لا يصلح لأن يكون ناظر زراعة، ومن يصلح لأن يكون محامياً قديراً قد لا يمكن أن نخلق منه طبيباً نطاسياً. وإذاً فلا بد من اللياقة المهنية - حتى يستطيع الفرد أن ينتج أكثر ما يمكن من إنتاج في أقل ما يمكن من زمن، وبأقل ما يمكن من مجهود، وهو في أكثر من راحة وسعادة. فلو نجحنا في كشف الرجل الصالح لمهنة بذاتها لأمكننا أن نقتصد في الزمن والمجهود والمال، وأن نرقى من نوع الإنتاج وكميته، وكذلك نجعل العامل سعيداً في عمله. يقول مونستربرج:(حينما نبحث في الفروق السيكولوجية بين الأفراد ونذكر كلمة (خصائص) الفرد نستعمل هذه الكلمة في معناها الأعم. فهي تشمل القوى العقلية للفرد التي قد تكون كامنة، والتي قد تظهر وتحيا تحت ظروف خاصة، وتشمل أيضاً الصفات الثابتة لشخصية الفرد مزاجية كانت أو خلقية، كما تشمل معارف الإنسان وتجاربه المكتسبة. ويدخل ضمن ذلك كل أنواع الإرادة، والشعور، والإدراك، والتفكير، والانتباه، والعاطفة، والذاكرة، والخيال. إن العالم النفسي حينما ينظر إلى الفرد يجده مجموعة من هذه القوى السابقة؛ ولكنا في الحياة العملية وحينما