نريد أن نكل لفرد عملاً يجب أن ننظر أولاً إلى أخلاط الخصائص التي تكون شخصيته بغض النظر عما إذا كانت هذه الخصائص وراثية أو مكتسبة، وعما إذا كانت خاصة بالفرد أو شائعة في أسرته، أو في قبيلته، أو في جنسه ومن دراسة هذه الخصائص المتداخلة يتضح لنا أن بعض الناس أصلح من بعض للقيام بنوع من العمل).
ويحتج مونستربرج على جعل الامتحانات المدرسية والشهادات العلمية مقياساً لكفاية الفرد وصلاحيته للعمل الذي يقوم به، إذ أنه ليس من المعقول أن الامتحان المدرسي يقيس غير المعلومات المكتسبة، ولا يكشف لنا شيئاً من خصائص العقل وخصائص الخلق. ويعيب أيضاً على الآباء أن يختاروا لأبنائهم الدراسات التي يرغبون فيها، فإن مجرد الرغبة ليس معناه أن هناك ميلاً طبيعيّاً حقيقياً إلى الشيء. فالأولاد في سن الصغر لا يعرفون شيئاً عن استعدادهم وميولهم الطبيعية. وقد يرغب اليافع في أن يكون طبيباً لأن أخته تتحدث بإعجاب عن زوجها الطبيب، أو أن يكون ضابطاً حربياً لأن قريبه ضابط حربي جميل المظهر. وقد يعرف الآباء حقيقة ميول أبنائهم واستعدادهم ولكن ذلك يجيء في الغالب متأخراً.
وضع الأستاذ مونستربرج اختبارات مختلفة لقياس الذكاء، ولقياس المواهب الخاصة، كاختبار القراءة المرتفعة السريعة، وكمطالبة المختبر بذكر ألوان الأشياء التي تتلى عليه، وكتقسيم مجموعات من النباتات أو المعادن إلى أنواعها المتشابهة، واختبار القدرة على الجمع والطرح بسرعة. وكذلك وضع اختبارات لقياس القدرة على تقسيم الخطوط إلى أقسام متساوية، أو رسم خطوط تساوي خطوطاً أخرى معينة، واختبارات أخرى لمعرفة مكان صدور الصوت ونوعه.
قلنا إن مونستربرج عالج موضوع اللياقة المهنية، ونادى بضرورة اختيار أنسب رجل لكل مهنة. ومن الأمثلة التي يسوقها لتأييد رأيه أن من الناس من هم (عمى الألوان) - فلا يستطيعون أن يفرقوا بين اللون الأحمر واللون الأخضر. فهؤلاء لا يصلحون لوظائف إشارات السكة الحديدية، ولا سياقة السيارات والقاطرات، إذ لا يخفى ما يحدث من خطر إذا التبس اللونان على السائق، وكذلك لا يصلحون لمهنة النقاشة التي تحتاج للتمييز بين الألوان في التصوير والتلوين.