وهي تجلو بابتسامها الحلو وحديثها العذب، الكآبة والملل عن نفس الرجل، وتخفف عنه آلام الحياة ومتاعبها، وتبث فيه روح الجرأة والإقدام، فيقتحم في سبيلها الاهوال، ويستقبل الأرزاء بوجه باسم ونفس مطمئنة.
ويمثل لك الزهاوي مدى وفاء المرأة في فتاة شاهدها بين أهل الجحيم قد اخضلت عيناها من شدة الأسى ولوعة الجفاء ومرارة النوى، بشعر هو السحر الحلال: -
قلت ماذا يبكي الجميلة قالت ... أنا لا يبكيني اللظى والسعير
إنما يبكيني فراق حبيبي ... وفراق الحبيب خطب كبير
هو عني ناء كما أنا عنه ... فكلانا عمن أحبَّ شطير
فرقوا بيننا فما أن أرى اليو ... م سميراً ولا يراني سمير
ولو أنا كنا جميعاً لخف الخط ... ب في قربه وهان العسير
لا أبالي ناراً وعندي حبيبي ... كل خطب دون الفراق يسير
ولقد وقف الزهاوي حياته على الدفاع عن حقوق المرأة المشروعة والذود عن كرامتها الضائعة، وكان يقصد من مناصرته المرأة، المرأة المسلمة، فصور لنا ما تلاقيه من ضروب الذل والهوان، في بيت أهلها الذي وصفه بالسجن والقبر محرومة من رؤية النور، وبين لنا ما للحجاب من مساوئ فادحة وأضرار بالغة حالت دون تقدم الشرق العربي ودعا إلى السفور حتى يتاح للمرأة أن تعاضد الرجل في تحقيق الأماني والآمال التي تختلج في نفسه.
قال هل في السفور نفع يُرَجَّى ... قلتُ خير من الحجاب السفورُ
إنما في الحجاب شلُّ لشعب ... وخفاء وفي السفور ظهور
كيف يسمو إلى الحضارة شعب ... منه نِصفٌ عن نصفهِ مستور
ليس يأتي شعب جلائل ما لم ... تتقدم إناثه والذكور
قد عزوْتم إلى السفور غروراً ... طائشاً قد يفضي إلى الهفوات
هل يحول الحجاب بين التي لم ... تتثقف والطيش في الرغبات
بل أرى في الحجاب تسهيل ما تخ ... شونه من نُكْرٍ على الفتيات
وقد تحمل الزهاوي، في سبيل المرأة الأذى والهوان، وعرض حياته لخطر الاغتيال، وذلك